مجمِّلو القصص

مجمِّلو القصص

مجمِّلو القصص

 صوت الإمارات -

مجمِّلو القصص

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

القصص كلها عادية إذا لم تصغ بطريقة فنية، وهناك أناس في الحياة دوماً مهمتهم الأساسية إعادة صياغة القصص، وتجميلها وتزيينها وحبكتها وغزلها لتصبح محط اهتمام، ولا تغادر الذاكرة الإنسانية بسرعة، ومثلما هناك مجملو القصص من الطرف المناصر، هناك مشوهو القصص من الطرف الآخر.
- حين يتوفى واحد مشهور على «السوشيال ميديا» أو نجمة فنية أو لاعب محبوب، كثيراً ما يختمون حياته بآخر تغريدة له أو آخر حديث قاله، وعادة ما يكون دعاء يغلب عليه السجع من محفوظات القديم أو كتب أو - كتب عنه - كلمات ودائعية لمتابعيه يطلب منهم السموحة والدعاء له أو يظهرونه زائر قبر من صوره الأرشيفية، ويزعمون أنها التقطت له قبل يومين، وأن ذلك الذي خطفه الموت فجأة كان يحس بذلك الهاجس، قصص هذه النهايات المصاغة تشبه نهايات الأفلام الرخيصة والروايات الساذجة.
- القصص التاريخية هي أكثر القصص التي يجتهد المتجملون فيها لكي يصيغوها بطريقة مؤثرة، وتخدم الهدف التعليمي والإرشادي الموجه، مثل قصة قبر «تيمور لنك» الذي مكتوب عليه من يحفر أو ينبش هذا القبر فستحل عليه لعنته، وسيهزم في ثلاثة أيام، ظل هذا القبر محفوظاً بسبب تلك العبارة المرسومة على شاهدته أو هو الخوف الذي يحيط بالقبر، وهيبة ذلك القائد التاريخي الذي شارك هو وقادته وأحفاده في إبادة ما يقارب الـ 17 مليون نسمة من الشعوب المختلفة، وحين أراد «ستالين» أن يكرمه في مقبرة القادة والعظماء الروس في موسكو، أمر أن ينبش القبر، وينقل رفات «تيمور لنك» الذي يعني «تيمور الأعرج»، وهو ما يحب أعداؤه أن يسموه به، أما أنصاره فيسمونه «الأمير تيمور»، فتح القبر «كور أمير» رغم تحذير حراسه من لعنته، ونقل الرفات، وبعد يومين دخلت القوات النازية روسيا، فخاف «ستالين» و«ملاحدة» موسكو، وارجعوا الرفات إلى سمرقند! فقاومت مدينة «سانت بطرسبورغ» المحاصرة حتى هزمت القوات النازية.
- والقصص كثيرة، كلها متشابهة، فقط يمكن أن تغير الأسماء، والأمكنة حتى تتناسب مع الشخصية، وقد ظهرت نهايات فردوسية لكل أولئك المجاهدين والمحاربين في جبال أفغانستان إبان الاحتلال الروسي لها، وكلها تدور حول طيور من الجنة تحف بالنعش، وظلال غمامة تتبعها، ورائحة المسك تنبعث من قبر الشهيد، على الرغم من أن الإخوان من الباتان وشعوب أفغانستان تقاتلوا مع بعضهم، وأباد بعضهم بعضاً، لكن مجملي القصص أبوا إلا أن تكون النهايات تليق بدماء المجاهدين، وتضحياتهم الجسيمة، والحط من قدرات الجندي الروسي الذي لا يدافع عن «عقيدة»، كما كانوا يقولون، ويفهمون معنى العقيدة، ناسين «عقيدة» الجيش الأحمر التي لا يعترفون بها، وكان لا يستشهد مجاهد أفغاني إلا ويأخذ معه رتلاً من الجنود الروس، ولو كان أعزل، وهم مدججون بالسلاح، مثل ذلك المجاهد راعي الغنم الذي هزم سَريّة سوفيتية بثغاء ماشيته!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجمِّلو القصص مجمِّلو القصص



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates