الناس صاروا «ملابج»

الناس صاروا «ملابج»!

الناس صاروا «ملابج»!

 صوت الإمارات -

الناس صاروا «ملابج»

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري


علينا أن نعترف بأن الكثير منا أصبحت لديه حساسية عالية تجاه أي نقد، ولو كانت تغريدة طائرة، أو تعليقاً حملته الريح الباردة، وليس وراءه ضغينة أو إساءة، أو كان من خلال دردشة بين أصدقاء وزملاء المهنة الواحدة، بغية الخروج بتوصيات أو اتجاهات جديدة لمصلحة العمل أو النفع العام، هذه الحساسية العالية لا محل لها من الإعراب، في ظل المكاشفة والشفافية التي تتحلى بها المجتمعات المتقدمة، ونحن كنا نعد أنفسنا خلف الركب نتبعها ونهرول نحو التقدم، لكن بدأت تغلبنا أو تغلب علينا حساسية النقد، ونعدها جارحة، أو ليست في محلها أو في وقتها، وتحول البعض منا بدلاً من أن يكون أكثر شفافية وتقبلاً للرأي الآخر، وأكثر انفتاحاً لسماع الصوت المغاير، غدا طوال يومه يدافع ويبرر، ويتصدى لهذا، ويعاتب ذاك، وكأن النقد مرهون بشخصه لا بعمله.
اليوم كلنا سواء، مسؤولين أو أناساً عاديين، لا نقبل أن يوجه أحد لنا أي ملاحظة ولو كانت صغيرة، ولو كان فيها النصح، ومبتدؤها الحب وخبرها الود، تجد الواحد منا متحفزاً، وكأنه متحيز لفئة أو عازم على قتال، حتى صار الجميع اليوم مثل «الملابج» أو أعواد الثقاب السويدية، أقل القليل يشعلها، وإذا اشتعلت أرسلت شهبها، وكلها تنتقص من الناقد، بدءاً من سيرته الشعبية العطرة، وانتهاء بإطلاق الأصوات النابحة تجاهه بغية إخراسه وإضعافه، والتقليل من شأنه وتسفيه أفكاره.
يفترض بعد هذه التجربة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية الممتدة نصف قرن من تاريخ دولتنا الحديث أن كثيراً من الأمور قد نضجت، ويحرسها الوعي والذكاء الاجتماعي، لكن العكس هو السائد هذه الأيام، جرب أن تتحدث عن التجربة الإعلامية في الإمارات، ما لها وما عليها، وهل هي تواكب النهضة العمرانية وتبرزها، وتعكس نشاطنا الاقتصادي الرفيع، وتضامننا الاجتماعي العالي، سيخرج ألف شخص، والكل يدافع عن إعلامنا، والكل يمجد فيه، ويعدد محاسنه، وينفي مثالبه، ونحن أعرف به، وأبصر، و«أبخص»، لكن المزايدات والمغالطات هي التي يراد لها أن تسيّر دفة أعمالنا، رغم أن الموضوع ليس كيل تهم من فريق، وفريق آخر ينافح ويدافع، والبعض منهم تشعر من خلال تلك الرجفة في النبرة أن الرعب الوظيفي يتملكه، كان الموضوع تقويم الإعلام، ففرز كل هؤلاء الفرقاء المتضادين، حاول أن تتحدث عن الوظائف العليا في الإدارات الاقتصادية، وأن جلها يشغلها أناس من غير أهل البلد، رغم أنها وظائف حساسة في معظمها، ولدينا أهل علم وخبرة وأمانة، فلمَ هم المبعدون، وغيرهم المقربون؟! سيظهر الفرقاء، واحد مع التوطين، وواحد مع المتخصص، ولو كان ضد التوطين، واحد مشكك في إمكانيات الجيل الجديد من المواطنين وخبراتهم، وواحد يتهمهم بالكسل والتعالي الاجتماعي والاهتمام برغيد العيش، وسيدخلون دوائر ومصارف وشركات عمومية مماثلة، وعثرات المنتخب الوطني الإدارية والفنية، بالرغم أن حديثنا كان منصباً على جهة معينة، ولنأخذ مثالاً جميلاً اليابان التي تعرف أن تفرز، ولا تخلط الأمور، فإذا كان مدير شركة من شركاتها برازيلياً واختلس وهرب بسواد الوجه، وواحد برازيلي رئيس عصابة قبضت عليه السلطات اليابانية لانتهاكه القانون، كل هذا لا يعني أنه لزاماً عليها أن تنهي خدمات مدرب منتخبها الوطني برازيلي الجنسية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الناس صاروا «ملابج» الناس صاروا «ملابج»



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates