تتغير الدنيا ولا تتغير الطفولة

تتغير الدنيا.. ولا تتغير الطفولة

تتغير الدنيا.. ولا تتغير الطفولة

 صوت الإمارات -

تتغير الدنيا ولا تتغير الطفولة

بقلم : ناصر الظاهري

كل الأمور في الحياة يمكنها أن تتغير، وتتبدل أحوالها، إلا الطفولة، وتلك البراءة السابحة خارج نطاق الأشياء والحدود، وحدها يمكنك أن تراها في كل مكان، بنفس التعابير، والإشارات والدلالات ذاتها، ولو حاول بعض رجالات وأدوات الشر أن يعبث بالطفولة، ويعاكس تناغم الطبيعة، ويصنع من الطفل حمّالاً للأثقال وطابوق البناء والعمل في الرذيلة وتجييشه منذ الصغر للقتل، لكن تبقى الطفولة هي العفوية التي بلا سقف، وهي الفطرة الأولى منذ أن صرخ وهو خارج من تلك المشيمة والظلمة إلى النور، ثم حين تحرك وافتر ثغره عن ابتسامة فرحاً بالحياة، الطفل هو الطفل في الكهف والغاب وبيوت الصفيح وأكواخ الفقراء والفلاحين أو وهو في شقة في نيويورك أو قصر مشيد، يمكنه أن يلعب بما فرضته عليه الطبيعة من أعمال بحرية وبعيداً عن أعين الأمهات، وهو نفسه ساكن القصر الذي لن يفعل تلك الألعاب، والاتساخ والبلل، لأن هناك مربية حازمة، وهناك نظافة صارمة مفروضة على الجميع، لكن أدوات التعبير الأخرى من بكاء وضحك وصراخ في منتصف الليالي، والعبث بما تقع عليه يداه حينما يتعلم الحبو، والانفلات اللغوي حينما يتعرف ويعرف حروف الهجاء فهي تسكن مهد الطفولة في كل الجهات.
كنت أتأمل طبيعة الطفولة في تلك الحديقة العالمية، وفيها خليط من أطفال الشعوب، فلا يختلف التركي عن العربي ولا الأفريقي عن الأوروبي، وحده بلوغ العمر وتبصرة المجتمعات يصنع الفروق، ويبرز التمايز والفوقية والدونية، في تلك الحديقة كان أطفال العالم يأتون بالأمور والأشياء عينها، حتى البكاء والضحك نغماتهما تتشابه، وإن اختلفت الألسن، أما الحركات الطفولية فلا تتغير، والرغبات كذلك، والسؤال الذي كان يتبعني في تأملي، إذا كان هذا عالم الطفولة بما فيه من تلك الطمأنينة فلمَ يقحم الكبار أنفسهم في عالمهم الطري البريء ليخرّبوه بدل أن يعمرّوه بالخير؟
تحزنني الأرقام الكبيرة التي تصدر عما يرتكب بحق الطفولة في كافة الأمور، بدءاً من الفقر والجوع والعطش والجفاف والأمراض المنتقلة والمستوطنة إلى الاستغلال الجسدي والرقيق الإلكتروني والرقيق العابر للقارات سواء بصيغ التبني أو بيع الأعضاء أو تخريب عقولهم بالكهنوت الديني والمخدرات والمنشطات، نحن الكبار من يخرج الصغار من جنتهم، ليذوقوا شر نارنا!

في تلك الحديقة العالمية التي كانت تعج بالصغار، كنت أقول: كم من هؤلاء سيضلون الطريق، وينحرفون عن جادة الصواب بفعل الكبار؟ كم من هؤلاء يمكن للكبار أن يصنعوا منهم أشراراً وقتلة، وكثير منهم سيتلوثون بقذارات الكبار وجنونهم؟ قليلون وهم المحظوظون من سيتمكنون من المحافظة على براءة الأشياء الأولى في نفوسهم، ويمكن أن يكونوا شرفاء، ولا يخونون الأمانة، ويحبون الخير!

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تتغير الدنيا ولا تتغير الطفولة تتغير الدنيا ولا تتغير الطفولة



GMT 22:32 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

خميسيات

GMT 21:24 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

التنسك في الألوان

GMT 21:19 2016 الأحد ,04 كانون الأول / ديسمبر

نوبل.. تلك النافذة الكبيرة

GMT 23:31 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

السماحة تميزهم.. ولا تغيرهم

GMT 21:21 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

نتذكر ونقول: شكراً

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates