بقلم : ناصر الظاهري
لا أعرف مدى جدوى الانتخابات في مجتمعات تغلفها الأمية، وعدم الوعي السياسي، وفهم الحقوق والواجبات الوطنية، هل هي مظهر يعطي شعوراً لأنفسنا ولإعلامنا ولمرؤوسينا معنى لحاقنا بالدول المتقدمة؟ ومعنى نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، وتطبيق الدستور الوطني؟ هل الانتخابات لعبة الهاء الشعوب غير المدركة بحقيقة وضعها المتأزم، وظروفها الحياتية الصعبة، دائماً أتساءل عن قيمة ما يجنيه ملايين الناس «المصوتة» والملايين «الهاتفة» والملايين «المستبشرة» والملايين «الحالمة» من احتضان وليد ميت لا يسمع أصوات الغوغاء، ولا أصوات المنشدين، ولا يسعده المشي طويلاً في جنازته.
أموال كثيرة تهدر من أموال الناس في سبيل لعبة سياسية غير متقنة، ولا يمكن أن يعترف بها عاقل أو حكيم أو دول متقدمة في صناعة الديمقراطية، دفعوا ثمناً لها إما بدماء أو حروب أو تضحيات فكرية أو اجتماعية، هذه الأموال التي تصرف بحق مهرجانات الانتخابات كل أربع سنوات، وكل خمس سنوات، وهي الحقيقة لكل العمر إن لم يقصف فجأة، لو وضعت في مشروع وطني توظيفي لكان من الممكن أن يسد فراغاً، الناس أحوج له وبه، لكن الشعوب الأمية، والتي تسمح بهدر أموالها وثروة أبنائها المستقبلية، لا يهمها المستقبل بقدر ما يهمها أن توضع على ركب قطار التقدم الوهمي الذي يمشي عندهم على قضبان غير مسننة، ولا يمكن أن يوصلهم أبعد من محطات قراهم النائية والنائمة، والتي لا يعرف العالم عنها شيئاً.
انتخابات في دول كسولة صناعياً، وغير منتجة اقتصادياً، وفي ظل غياب الطبقة الوسطى الفاعلة فيها، هي انتخابات كرنفالية، واحتفائية بتكريس القديم، لأنه ليس هناك من جديد، وإن كان هناك جديد فدونه حديد ذو بأس شديد، فلا يمكن للدبابة التي أتت بالزعيم الخالد أن تسمح لأصوات إنسانية ووطنية أن تأتي بزعيم غريب، ولا يمكن لحرس قديم مدجج بالمنفعة والمصالح الفاسدة أن يسمحوا لجنود مخلصين للوطن بأن يحلوا محلهم، فللفساد لغته القريبة من الوحل والدم ولعنة التخلف الأبدي.
الانتخابات المهرجانية في دول بائسة، بدأت تتطور وتتقدم على ذاتها فقط، ولأنها مستورِدة دائماً الشعارات الجوفاء والشعير الرطب، ظهرت في السنوات الجديدة بتغيير النسب، فما عادت النتيجة القصوى تقنع المواطن الجاهل، على الرغم من أن الإعلام لا يشير لتدني شعبية الزعيم، لكنه يشيد بأصوات المعارضة النشطة، وهي في حقيقة الأمر مكدودة ومنهكة ومخرسة.
الانتخابات الكاذبة في الدول غير المانحة، انتخابات فقيرة، لأناس يستحبون ويستحلون لعبة الانتخابات، ولا يعرفونها!