بقلم : ناصر الظاهري
قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» أقره الكونغرس بأغلبية مطلقة، رغم «فيتو» الرئيس أوباما، وفي ظل غمام سياسي انتخابي، ومرحلة استجداء أصوات الداخل لسياسيين طامحين للسلطة، وجاء في غير وقته وتوقيته، وفي أجواء تخبط السياسة الأميركية في الخارج، وموجهاً لكل سياسات العالم، ووضعها تحت يد النظام القضائي الأميركي، لتنفيذ السياسات الأميركية الخارجية، ولا أعرف لماذا وسائل الإعلام التي تبدو موجهة، سلطت على المملكة العربية السعودية، وكأنها المستهدف الوحيد؟ وظلت تنبش عن مخزونها المالي الاحتياطي الموجود في الخزانة الأميركية وبنوكها، التي تقلصت في السنوات المنصرمة من 550 مليار دولار إلى 100 مليار، وهي أرقام غير مؤكدة، ولا دقيقة، نظراً لارتباط كثير من الأفراد بالبنوك الأميركية، وسنداتها الحكومية، ولا أدري هل المملكة مدرجة ضمن اللوائح الأميركية بكونها دولة راعية للإرهاب؟ على الرغم من جهودها الكبيرة في مقاومته، وتجفيف منابعه، ودعمها للتعاون الدولي ضده، إضافة إلى أن السعودية هي من أكثر الدول المستهدفة بالعمليات الإرهابية داخلياً وخارجياً.
إن صدور هذا القانون يعني أن أي فرد خارج عن سلطة دولته، يمكن أن يقحمها في مثل هذه العقوبات والمطالبات المالية الطائلة، فقط لأنه حامل جواز سفرها، ثم ماذا بشأن الدول الإرهابية، ورعايتها المعلنة للإرهاب والتي لا تتمتع بغطاءات مالية موجودة في أميركا، هل يمكن لأميركا أن تجبر الدول والبنوك الدولية على أن تخضع لقوانينها القضائية؟ نتحدث هنا عن الصين وروسيا واليابان والمناطق المالية في جنوب شرق آسيا الحاضنة، وحتى الهند، والتدخل في دساتيرها، وضوابطها القانونية والسياسية.
أين هو المستقبل في العلاقات الثنائية والمشتركة بين أميركا وحلفائها من الدول المعرضة للاتهام؟ وإلى أين سيذهب التعاون السياسي المستقبلي معها، خاصة في لعبة الشرق الأوسط، وقضاياه الساخنة والمتوترة. لعلها لعبة سياسية قانونية أميركية صرفة بعيدة عن الهيئات الدولية ومنظماتها وقوانينها وقرارتها الخاصة.
ثم ماذا عن الإرهاب الأميركي، والتدخل العسكري، وزعزعة الاستقرار في البلدان المختلفة؟ وهل يحق للعراق الذي صنعت به أميركا العجب أن يتقدم بأوراق وملفات قضائية تتهم الأفراد الأميركيين والمؤسسات والحكومة الأميركية؟ أين وضع إسرائيل وأجهزتها الأمنية من قانون «العدالة ضد الدول الراعية للإرهاب»؟ وأين إيران وتصديرها لثورتها وتدخلها السافر في البلدان؟
إلى أين سيتجه العالم بعد هذا القانون القضائي الأميركي؟ وكيف ستتعامل معه الدول الحليفة والمرتبطة باتفاقيات ومعاهدات عسكرية مع أميركا؟ فلا يمكن أن تحاكم حليفاً عسكرياً واقتصادياً، وفي الوقت نفسه هو العدو، والمرتبط بالشر ضد أميركا!