بقلم - ناصر الظاهري
«في أمور أحياناً تغيب عنا حين نحاول أن نتواصل مع الشعوب، يعني من المعيب أن تسأل الصينية كم عندها من أخ أو أخت، هو نفر واحد للعائلة وخلاص، لذا لا تتعجب إن رأيتها تفتح عينيها «الوصمتين» بأقصى اتساعهما، صانعة الدهشة والاستغراب، مثلما تسأل إنجليزياً عن بنت عمه مثلاً، مثل هذه السوالف عندهم انتهت من سنين، وأعتقد جازماً أن آخر أميركي تزوج بنت خاله كان أيام «لينكولن»، أعقاب انتهاء الحرب الأهلية الأميركية، شو بنت خالي والله محَيّرنها؟ وإلا بنت عمي أنا أولى بها من الغريب، هذه المسائل ما تمشي عندهم، عندهم والله «فري إيزي» وأمورهم طيبة».
- «فكرة نياشين القادة الأفارقة الانقلابيين التي يزينون بها صدورهم مثلما كنا نرى «عيدي أمين وبوكاسا» وغيرهم، وهم لم يخوضوا حرباً ضروساً، ولا باتوا على الثغور مرابطين، لكن مستودع الجيش مفتاحه عندهم، وأخذوا يهيلون على صدورهم وسام الشجاعة، نيشان الحرية ميدالية البسالة ونوط الشهادة في قادم الأيام، وهكذا، حديد مكود ومصبوب، الفكرة أن الزينة الفضية والمذهبة والماسية عند قادة أفريقيا تراها لا تفرق عما يتزين به المطربون والمغنون والفنانون السود من ذهب وألماس مبالغ فيه في كل مكان وفي أي وقت، بحيث يشعرك أنه أشبه بدكان صائغ متنقل، ولقد رأيت مرة «مستر تي» ربما تذكرونه المصارع والممثل، وقد اشتغل في مهن كثيرة متعددة وغير مجدية، وكان لا يقدر أن يمشي من الذهب الذي كان يثقل كاهله، لا أدري ما هو تفسير ذلك، ربما هو الفقر والحرمان التاريخي، والجوع لإظهار التفوق الاجتماعي، أم أن الموضوع كله أن العقل الذي يلعب بهم في الصيم».
- «في ناس ما ينفع إلا أن تأخذهم بالجملة لا المفرق، يعني «بكج» واحد، يعني كلهم على بعضهم مرة واحدة، وإذا ما حاولت أن تنتقي أو تختار أو ترى جانباً مضيئاً أو تتلمس له عذراً أو تبرر موقفه وتصرفه، فإنك لن تقدر، وستتعب عمرك على الفاضي، مثل هؤلاء الأشخاص ينطبق عليهم قول المثل: «ينزبيل بترابه، وإلا أخذه، وإلا رده على أصحابه».
- «في ناس حينما تغيبهم الحياة عن النظر، يشعرونك أنهم هاجروا إلى مكان بعيد أو أخذتهم الحياة في دروبها إلى دهاليز الظلمة، وتتعايش أنت مع ذلك، حتى فجأة يظهرون لك في وقت ومكان لم يخطر لك على بال، وتقول: سبحان الله الدنيا صغيرة، معقول فلان ما زال عائشاً، وهنا، ولم يغادر، وهذا ما حدث لي حين رأيت واحدة صدفة كان عهدي بها في التسعينيات، أيام «طناف وقناص ونيس»، الغريب أن شكلها ما تغير، وعاندت المدينة التي تطورت، لكنها هي لم تتبدل، فما زال شكلها شكل النادي السياحي».