بقلم : ناصر الظاهري
وجدت في الكتب الدينية كلاماً يخص الملابس والمغالطات الفجّة حولها، فبعض الملابس «تجلي البصر، وبعضها يجلب الهم، وآخر يزيد الهمّة»، في حين علاقة الإنسان بالملابس ومكملاتها، إنما هي حاجة وعادة وترف للتباهي والتمايز، للطبيعة كلمتها الأولى بعيداً عن لغو الكاذبين.
فعلاقة الإنسان بالملابس قديمة، أجبرته عليها الظروف المناخية وإنْ عدها البعض فرضت بأحكام سماوية، رغم أنها كانت حاجة، لكن هذه العلاقة مع الوقت خرجت عن مسبباتها، وأصبحت تأخذ طابعاً مختلفاً، يسيرها هوى النفوس، وما تريد أن تطرح من معانٍ يفهمها الآخر، أصبحت للملابس لغة، ولألوانها فلسفة، لها أوقات، واختصت بمهن وبمناسبات وفصول، حتى غدت
نوعاً من الترف، والرفاهية، والتميز الاجتماعي، ومحط إغراء، بدأها الإنسان قديماً بما يصطاد من جلود الحيوانات وانتهى اليوم بما ينتقي من جلود حيوانات نادرة، وبما يدمغه عليها من علامة تجارية فاخرة.
- لباس الستر لا يعني للناس اليوم الكثير، لا ينتقى، ولا يبالغ في أثمانه، ويمكن أن يأتي للمحتاجين عن طريق «أسواق البالة» أو تبرعاً من محسنين.
- لباس التباهي والعظمة يرتديه الملوك بما يليق بمكانتهم وهيبتهم أمام الآخرين، بعضهم يصل به الحد إلى أن يضاهي الطاووس، وحد أن يجعل لكل أفراد ومهن حاشيته لباساً يميزها، لأنه يعلي من هيبة ملكه.
- لباس التدين والرهبنة والمشيخة والتقوى يرتديه من يعد نفسه مخالفاً للآخر، ومتميزاً عن ملة الغير، ويرتديه الإنسان ليشعر الآخرين بالطهارة التي تسكنه، وخير المسلك الذي يقربه من الرب.
- لباس الحرب فيه من المبالغة والحيطة والزهو ما يشعر العدو بأنه ضئيل أمام خصمه، هدفه هزيمة الآخر في داخله.
- لباس الفرح فيه شعاع من انطلاقة نحو الحياة وتعميرها، يظهر فيه البذخ والتفرد، ويبقى ذكرى طوال العمر.
- لباس الحزن، ويختلف بين البياض والسواد والأخضر والبنفسجي الغامق أحياناً، فيه سكينة ودمعة محتبسة وجلال موقف.
- لباس العسكر فيه من الانضباطية والصرامة والهندام والقياسات المحددة لكل فرد، هو اللباس الوحيد الذي يملأ جسد الإنسان فخراً حين يكون الوطن هو القبلة.
- لباس العمل والمهن عادة ما يكون من أخشن الثياب وأكثرها تحملاً، لا يمكن التباهي به خارج نطاق جدران العمل، وأماكن تصبب العرق.
- اليوم ذهب الإنسان بملابسه لتكون صناعة عظيمة، وغدت تعبر عن شخصه وانتمائه وميوله وعمره وجنسه ووطنه، ولا يخص المعتقدات فيها شيء!