حرامية من عصر المليجي

حرامية من عصر "المليجي"

حرامية من عصر "المليجي"

 صوت الإمارات -

حرامية من عصر المليجي

بقلم - ناصر الظاهري

هم ذاك النوع من الحرامية، بالأبيض والأسود، والفانيلة المخططة، وقناع الوجه، حرامية كانوا يظهرون في عصابة «محمود المليجي»، أتباع المدرسة الكلاسيكية العتيقة، عاشوا ويتمنون أن يمضوا بقية حياتهم بطريقتهم التقليدية، وأن ما قضى على نشاطهم الذي كان يمشي بالبركة، هو ما استجد في العصر الرقمي من تدقيق وتعقيد وكله مكشوف وواضح للعيان على شاشات تتوهج أرقاماً، وتقدر أن تدخل عليها في أي لحظة، والمهم أنه بلا أوراق وختم وتصديق، وهذه مسألة تجعلهم يعضون أصابع الندم على زمن لن يتكرر.

هم باختصار لصوص ما قبل العصر الرقمي، أولئك الذين يحبون أن يكون درج واحد في مكتبهم مفتوحاً قليلاً على الدوام وأثناء الدوام، أو موارباً يوحي للمراجعين أن الموظف من كثرة مشاغله نسيه مفتوحاً غير متعمد، والأمر فقط ليتسنى لربطة نقدية أن تندس فيه بسرعة بعيداً عن العيون أو يمكن أن توضع ورقة نقدية من العيار الثقيل ضمن معاملة يظل يقلب أوراقها، ويفلي تواقيعها حتى يتأكد أنها سليمة - أقصد الورقة النقدية لا المعاملة- ثم يرمي بالملف في ذلك الدرج، يمكنه أن يتفاهم مع الفراش على تخليص المعاملة بطريقة مسرحية، لا يفهمها إلا هو والفراش، ولا يتفرج عليها إلا صاحب المعاملة، أما بقية الموظفين والمراجعين والمسؤولين، فلكل منهم فراشه، ولعبته المسرحية، ومستواه «التمثيلي».

لصوص ما قبل عصر الرقمنة، هم أولئك الذين يتعبون من البنوك العصرية وتعاملاتها الإلكترونية، وماكينات السحب الآلي، والشيكات الممغنطة، ليست هناك مساحة للتأمل الإنساني، ومد اليد الطويلة، وتوصية مدير الفرع، وديون دون ضمانات، وشركات وهمية، لا مدققين قانونيين، ولا إقرار بـ«الكاش فلو».

لصوص ما قبل العصر الـ«ديجتال»، هم أولئك الذين يفتحون محلاً، ولا يعترفون بالنقد الإلكتروني، يفرحون إن قدم زبون، فيتلقونه بصدر رحب، ويبالغون بفرحهم والتهليل لزيارته إن اشترى منهم، لكنهم ما أن يرونه يظهر سلاحه من بطاقات الائتمان كعادة البلدان الراقية، امتعضوا، وبانت سنتهم الصفراء في الفك العلوي، متعللين بداية بأن البطاقة لا تعمل، فإن رأوا الزبون خجولاً ومرتبكاً، وسيدفع نقداً منعاً لإحراج التجربة الثانية، عادت الحياة لعروقهم، أما إن كان الزبون مصرّاً ويريد أن يفهم السبب، حذفوا المشكلة على الآلة، وإذا كان من الممكن بطاقة أخرى ليجربوا من جديد كذباً، وكل ذلك لأن منظر النقدي أضمن، وأسهل، وفي متناول اليد، والعبث بأرقام حساباته، أما البطاقات فتدخل فيها بنوك ومعاملات إلكترونية مدققة، وأرقام بالفلس.
لصوص ما قبل عصر «السليكون فالي»، ظهر لهم منافسون جدد، متأنقين ببدل سوداء، وشعرهم يلمع من «الجل»، وليس في وجوههم «خبطة مطوة، ضربة سكين قرن غزال، إشارة بموس»، يلوكون سيكاراً كاذباً، ابتساماتهم هوليوودية، وسرقاتهم سينمائية تعمي العين لأنها من العيار الثقيل!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرامية من عصر المليجي حرامية من عصر المليجي



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates