بقلم - ناصر الظاهري
- يعتقد البعض لأنه شعر بانتصاره عليك مرة، أنه غلبك دوماً، ووضع تاج الظفر على رأسه بيده، لكنه سينزله بنفسه، لأنه لن يحتمل ثقله، وقد قالها مرة عجوز: صبر الرجال يحتاج إلى جبال، والأسرار لها عندهم آبار، ما أطول قاماتهم تلك!
- يعتقد البعض لأنك كبوت، وزلت بك القدم، أنه سجل عليك نصراً، فيفرح بالذي كسب وكأن النصر الذي يأتي مجاناً يمكن أن يدوم، لأنه لم يسمع ما قاله عجوز مرة: إن للنصر رائحة من عرق!
- يعتقد البعض لأنه كبر قليلاً، أنه حاذاك بالكتف، وأنه طاولك هيبة، غير مدرك قول عجوز مرة: لا يكبر ذاك، وكان يشير للعجل، حتى يشيب هذا، وكان يشير إلى بياض شعر رأسه!
- يعتقد البعض لأنه قدر أن يقطف الثمر، أن الشجرة دائماً مواتية له، وأن أغصانها منذورة له، ولم يدرك صبر الشجر على الظل، ولم يستمع لقول عجوز، قالها مرة، وتوكأ على عصاه، وتوكل: أن تأكل من ثمر شجرة، لا يعني أن ظلها ملكاً لك!
- يعتقد البعض أنه شريك لك فيما يمنح الرب، فيقيد رجله برجلك، ليسبقك، ويمسك بيدك لتتبعه، غير مدرك أن لا ظل للظل، ولا صوت للصدى، ذاك ما قاله عجوز مرة لشاب نزق لم يعرف قيمة للحياة إلا قبض الهواء!
- يعتقد البعض إن سلبك يومك، أنه قادر هو أن يزيد من ساعات وقته، فلا إيقاع يومك يتحمل ثقله، ولا ساعاتك قادر هو أن يملأها، فيضيع في غي النهار، ولا يقوى على دمع الليل، فليته سمع قول ذاك العجوز الذي حاول أن يصرخ في لص الوقت: ستتعب أيها السارق العاطل، فهذا الوقت الماكر المخاتل، لا تدري، هل تركض أمامه فيلحقك، أم هو خلفك تلهث أمامه ليسبقك!
- يعتقد البعض أن صيدك سهل، فيرسل ما يعتقد أنه يغريه لا ما يغريك، فيَخِيب المرسول، لأن بوابات الصدور ليست هيّنة طيّعة، ولا تقرعها إلا الأيادي الطاهرة، وقد علقها مرة عجوز كوصية لا تنسى: مهما كانت الذئاب عطشى لا يكفيها صيد الماء!
- يعتقد البعض أن الصوت العالي يهزم، والصوط الغليظ يهزم، والدمع السخين يهزم، والتصنع يهزم، ناسياً أن الأرواح وحدها التي تهزم الإنسان، وقد قالها مرة عجوز، وكان يشق طريقه بالنور والحمد والبسملة: نحن من نهزم أنفسنا، ونحن الذين نقتل أرواحنا فينا، ما خاب رجل وروحه تحلق بجناح من حلم، وجناح من صبر!