تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

للمسافرين عادات وطقوس يتبعونها أو هي تتبعهم في أسفارهم، ويشعرون بشيء ينقصهم إن لم تكن من ضمن أولويات ما يحملون في حقائبهم، حتى إن بعضهم يشعرك أنه يحمل في حقيبة سفره «زهبة العروس»، وبعضهم تلقاه «يزاحي» على صدره شنطة كبر «المندوس»، لا يخلي شيئاً ما يحطه فيها، حتى لو سألته إن كان عنده «نشوق»، فسيقول لك: «كل شيء موجود، حتى عدة الحجامة»! وكنت أعجب من أولئك المسافرين الذين يصطحبون معهم كلابهم أو قططهم.. تذكرة، وشهادة صحية، وقفص، وجواز سفر، وحقيبة فيها كل مستلزماته الشخصية وأكله، ونحن الواحد منا «يتم يتعلث، علشان ما يشل معه أحداً من معارفه»، يحب أن يكون خفيفاً، ولا يثقل حركته شيء أو يعيق خطوته أمر، ولو كان أمراً جميلاً مثل زوجته، وبعضهم الآخر يظل يعاني من عدم النوم، ليس بسبب اضطراب الساعة البيولوجية، ولكن لأنه غيّر غرفة نومه أو سريره، لذا بعض من الأغنياء والمشاهير من النجوم، ومحدثي النعمة، قبل أن ينزل في فندق يشترط أن يغيروا ديكور جناحه مثل غرفة نومه، ويحضروا سريراً مثل الذي ينام عليه في بلده، وبعضهم يشترط ألا يشعلوا مصباحاً كهربائياً في غرفته غير الشموع المعطرة والملونة، وأتذكر هنا صديقين، واحداً كان يقول:
«إنه يمكن أن ينام على صخرة، حينما يكون منهكاً تعباً»، أما حال الصديق الآخر، فهذا كان لا يسافر إلا مع مخدته، يقول: «لا يأتيني النوم إلا عليها، ولا يهنأ لي أن أضع رأسي إلا في مكان آمن أعرفه، ويستأنس به رأسي»، هذا الصديق كنت تجده من مطار إلى آخر، وهو «يشالي» بتلك المخدة، يحملها مثلما يحمل رضيعاً، وإن وضعها في الحقيبة أخذت نصفها، أما حالي فهو بين الصديقين، مع فلسفات ناقصة في قراءة المكان، بحيث يمكن أن أنام على الطوى، وأركب في «ركشا»، ولكن لا بد من فندق عالي المستوى، لكي لا يظهر الوسواس الخناس، ولا يجعلني أنام قرير العين ليلتها، لأني سأبحث عن قصص متخيلة في الرأس لهذا الشرشف الذي يبدو مهملاً في الفترة الأخيرة، منذ أن تسلقى عليه ذاك المشعر حتى ظهره، وتلك المخدة التي غدت بائسة حينها، وكأنها تخص لاجئاً في مخيم ظل معزولاً طويلاً، أظل أتحسس مرتبة السرير شاكاً بأن هناك بعض بلل أو رطوبة منسية، والغرفة إن لم تكن تلمع من النظافة، يكون إبليس قد سبقني إليها بغواياته الجاهزة لأناس غير أتقياء عادة.
في المدن الكبيرة الأمور محلولة، لكن السفر إلى المدن الموغلة في التاريخ، مثل تلك المدن التي على طريق الحرير، المشهورة بـ«خاناتها»، والتي نسيها الناس في غمرة المعاصر، وما برحت تدق بوابة الذاكرة الجماعية عند أناس مخلصين للحكايات، وسرديات المساء، هي مدن تختلف، وما برحت تعيش بساطتها، ولا تحب أن تتنازل عن عفاف فقرها، فتلزمك لأنك تحبها أن تتخلى عن متطلباتك المرفهة، ووساوسك الصحية، ودلع خمسينيات العمر، ولو كان جيبك عامراً، فأحياناً لا قيمة للمال، إنه مجرد ورق مصقول، ولا يمكنه أن يجلب لك غرفة فندقية من التي تشعرك، وكأنك متقاعد جديد عن طيب خاطر، تسمع هسيس القطن الأبيض الأصلي لأي تحرك أو تقلب منك على سريرها، تحضر لك برودة المفارش شيئاً يستطيبه أنفك مثل رائحة عطر أنثوي أو ثوب فتاة تحبها، وتعرف كيف تخبئ لك شيئاً منه في أماكن تغفل عنها.. وغداً نكمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates