أدب الكُدّية

أدب الكُدّية

أدب الكُدّية

 صوت الإمارات -

أدب الكُدّية

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري


هو أدب المهمشين من طبقات المجتمع في عمومه، وفي خصوصه يعني تلك الفئة المتسولة والشحاذين الملحين في السؤال وطلب العطية، أو هم الناس الذين يغشون المدن بحثاً عن الرزق والمغامرة وكذلك المقامرة، فالكثير منهم امتهن حرف التسلية والألعاب البهلوانية والسحر والشعوذة ومراقصة الحيوانات، وغيرها من المهن التي تزخر بها الأسواق، والكُدّي هو الذي يكد ويكدح في مكابدة الحياة وطلب الناس، ويمكن أن يكون المتسول الذي لا يستقر في مكان، فهو يتبع ظله مثل الغجري في بحثه الأبدي عن وطن، غير تلك الخيم التي بلا أوتاد ولا عماد، والمرتحلة معه نحو أفق الشمس، وهو ذلك الذي يركض وراء لقمته أو حريته المطلقة التي لا تخضع لنواميس القبيلة ووشمها أو قوانين تلجم شرور نفسه التي يريدها على هوائها مثل الصعاليك، والمتأبطين شراً، وقطاع الطرق، والسارقين من مال الغني ليعطوا للفقير، والكُدّي أو الكَدْي ربما تكون لفظة أعجمية وتعني الاستجداء، لأنها كذلك مرتبطة بالشحاذين أو الساسانيين، وهو ارتباط يسوده لبس، وعدم وضوح المصطلح، لكنه موجود في الأدب العربي خاصة منذ العهد العباسي، ويحتمل التأويلات الكثيرة، والاستنتاجات المختلفة، وكان ممن أثروا أدب الهامشيين فئة الموالي والعبيد طوال التاريخ الإسلامي وعصر الفتوحات، خاصة أولئك الآتين من الحضارة الفارسية وبلاد ما وراء النهرين والروم والهند، فكان ذاك العبد الهارب من لونه أو صفته، وظلم المجتمع السائد والحرية الغائبة، والمساواة الضائعة مثل أغربة العرب في الجاهلية، وسودها في العصور الإسلامية.
في الجاهلية كانت شجاعة وفروسية «ابن شداد» وكان شعر ونُبل «عنترة العبسي» والذي قاوم بتلك الحيل الأربع، وتفوق على نفسه ولونه ليسطر اسمه وفعاله عبر التاريخ الطويل، وفي ذاكرة الناس البسطاء وسرديات الشعبيين، كان هناك «طرفة بن العبد» بتلك الصعلكة والبوهيمية والانفلات بحثاً عن خانة مختلفة ليزج باسمه وشعره في صدور الحافظين، وما علق من سموط ومذهبات وطوال على أستار جدران مكة، وما سطر الوراقون، كان هناك صعاليك المدينة «يثرب»، وكان هناك شعر المتصعلكين، وفي الدولة الأموية كثر الشعراء من طبقات مختلفة في المجتمع الأموي، أما الدولة العباسية فكانت مرتع الكُدّية، وشعراء وأدباء الهامش والأطراف، فكان منهم الناثرون والخطاطون والباحثون واللغويون، والفقهاء، والمغنون، كبر ذاك الهامش بحيث تلاقح مع أدب وثقافة الآخر، فكانت بغداد مثالاً رائعاً للتعايش المختلف والمختلط، وانتقل ذلك بالتزامن مع حواضر الأندلس المزدهرة بكل أنواع الثقافة والعلوم والفنون، ورغم ذلك شق أدب الكُدّية طريقاً مختلفاً في الأندلس، فكان شعراء «التربادور أو الترافيرس» الجوالون، وقد عمّ في أوروبا في فترات مختلفة، وشاعت حتى الفرق المسرحية المرتجلة في إيطاليا وفرنسا، وظهرت مدارس أدبية وفنية تتبنى فكرة أنه يمكن أن يزدهر الأدب والفن، ويقدم المختلف والمبدع، ولا يشترط فيه أن يكون ساكناً في برج عاجي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أدب الكُدّية أدب الكُدّية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - صوت الإمارات
نجوى كرم النجمة اللبنانية وعضو لجنة تحكيم برنامج "Arabs Got Talent" في موسمه السابع؛ مع كل حلقة تعرض تشاركنا بصور لها من كواليس البرنامج، وتسلط الضوء باستمرار على إطلالاتها الجذابة التي خطفت بها الانتباه وقت التصوير، حيث تألقت نجوى كرم بإطلالات استثنائية جعلتها محل اهتمام الجمهور خلال البرنامج، وشاركتنا بأجمل صورها على انستجرام، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل الإطلالات التي ظهرت وسوف تظهر بها نجوى كرم في حلقات الموسم السابع من برنامج اكتشاف المواهب الشهير. الإطلالات الناعمة الخالية من التفاصيل المبالغ فيها؛ كانت خيار لافت للنجمة اللبنانية تزامنًا مع تحضيرها للبرنامج الشهير أو تصوير بعض الحلقات، فظهرت مؤخرًا بإطلالة باللون الأبيض جاءت مكونة من فستان طويل بتصميم كلاسيكي، جاء من الأعلى بأكمام طويلة وياقة عريضة ومفتوحة على ...المزيد

GMT 23:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجمات مصريات يسترجعن رشاقتهن ويخسرن أوزانهن بحمية صارمة

GMT 08:02 2014 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

أمير منطقة نجران يفتتح معرض للصور التاريخية

GMT 12:03 2018 الإثنين ,21 أيار / مايو

ممارسة الرياضة خلال منتصف العمر تحمي القلب

GMT 18:59 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

تعرف على أخطر الرحلات السياحية في العالم

GMT 06:43 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الموسم الجديد من برنامج "تاراتاتا" على "روتانا مصريَّة"

GMT 13:46 2013 الجمعة ,09 آب / أغسطس

أزمة ثقة في الطاقة النووية في شمال آسيا

GMT 19:18 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

حلقة خاصة عن العلاقات الزوجية على الراديو 9090

GMT 12:16 2013 الجمعة ,12 تموز / يوليو

"الفلّاقة" يقرصنون موقع جريدة الصّريح

GMT 13:27 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

10 حيل فعالة لمساعدة طفلك على التركيز أثناء المذاكرة

GMT 01:08 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

برشلونة لا ينوي دفع أموالاً إضافية لـ "ليفربول" بسبب كوتينيو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates