بقلم : ناصر الظاهري
التليفونات الذكية بصراحة هي التي ستقضي علينا، ليس بسبب أننا لا نلحق هرولتها السريعة للأمام، وبطئنا خطوتين للوراء مع تقدم العمر، ولكن بسبب تفكيرها الشرير، ومحاولة تخريب البيوت، بزعم بث روح التآلف العائلي، والتواصل المستمر وبلا انقطاع طوال الليل والنهار مع أقرب المقربين، هذه الشركات الأميركية تتحسبنا مثل الأوروبيين، في كل شيء يشاورون الزوجة، وكلمة شكراً حبيبتي ما تفارق حديث الواحد منهم، نحن صباح الخير نتضارب عليها، المهم ماذا تقصد شركات التليفونات الذكية بتلك الميزة الإلكترونية، والبرمجة السحرية فيها، والتي لا تصب في مصلحة المتزوجين، بخاصة المتزوجين وهم في الصفوف الإعدادية، وتقاعدوا الآن، لكنهم لم يقعدوا في محلهم، وبمحاذاة «عيايزهم»، كل مرة «مشبّر» في مكان، وعادة مكان واحد، التليفونات الذكية الجديدة ستفضح كذبهم المعدّي، وكل جمعة والله عليّ «زام» أو في طلعة بحرية، وهو في عمر النواخذة، وإلا «إنا والله في شَفّ المعازيب»، وأعرف واحداً ظل يَهتّ على حرمته كل خميس وجمعة وسبت، «والله أنا متطوع في الدفاع المدني حتى لا أشعر بملل التقاعد»، طيب ما في مطافئ عدال البيت يتطوع فيها، لا.. يحب «يشالي» من شمال أفريقيا لجنوب شرق آسيا، الحين التليفونات الجدد، يقول لك الحرمة تحط بس إصبعها الخنصر على فص النجمة، وتسأل: «وين ريلي»؟ يمكن أن لا يتعرف الهاتف الذكي على صوتها لأول وهلة، ويطلب منها إعادة المحاولة، طبعاً حريّمنا موتهن وحياتهن أحد يقول لهن حاولي مرة أخرى، فتصرخ بصوتها العالي: «وين زوجي هالهايت العَطّالي»؟ فيرسم لها الهاتف الجديد بما أوتي من ذكاء صناعي خطاً بيانياً يوضح خط سير الزوج الأعوج، والإحداثيات، بحيث لو أطلقت عليه قذيفة فستصيبه في مقتل، بعض النساء المتسرعات ستعفد عليه متلبساً بالجرم المشهود، وبعضهن لديهن هذا النفس الطويل، وتتلذذ بكذب زوجها، فتتركه يهلّ كل ما في رأسه: «حبيبتي والله كنت عند ربيعي من زمان ما شفته من أيام الثانوية، تصدقين فاجأني اليوم»، فتهز رأسها: «طبعاً إذا رمّيت في الثانوية سنين ومنين، ولا نجحت إلا في الصفوف المسائية، وربيعك كل سنة في صف، أكيد ما بتشوفه»، فيتزعمها مُرة، لكن يسكت، وبعد الانتهاء من الخريط، تظهر له خط سيره البطّال، وتنقلاته المشبوهة، لذا كان تعليق معظم الأزواج المظلومين في الأرض: «يا رب ما يشتغل عندنا»، «هذا اللي لازم يسوون عليه بروكسي»، «شركات هالتليفونات، وين ناوين يسيرونا أفريقيا، علشان ما يشتغل هناك»!