شعوب تتعارك بألسنتها 1

شعوب تتعارك بألسنتها -1-

شعوب تتعارك بألسنتها -1-

 صوت الإمارات -

شعوب تتعارك بألسنتها 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

خلال الأسفار الكثيرة نتعرف على شعوب وثقافات مختلفة، وطباع وطبائع لأجناس من الشعوب، نختلف معهم في أشياء، ونختلف معهم في أشياء أكثر، أهم ما نشترك فيه كجنس بشري السباب والشتائم واللعن التي أعتقد أنها جاءت بديلاً عن الحروب والعراك والمشاجرة الجسدية، فاستعاض عنها الناس بعنف آخر لفظي، وعنف مسكوت عنه، عنف موجود وغير معترف به، وأكثر ما هو موجود في الشارع، ويقل في المنازل، وتسكت عنه المجتمعات، ولا تعترف به قواميس لغات الشعوب، فهو يختلف من مجتمع لآخر، ومن لغة لأخرى، حسب ثقافة المجتمعات، والتعددية فيها من أجناس وأعراق وأديان وطوائف وطبقات اجتماعية متباينة، وكلما كان المجتمع منفتحاً، ومتسامحاً، ومتحضراً، قل السباب، خاصة في الطبقات العليا والراقية في المجتمع، في حين يظل القاع محتفظاً بقاموسه الشتائمي، ويظهر السباب والشتم واللعن عادة نتيجة الغضب، والحقد، والغيرة، وحين الصدام مع الآخر، ورغم أن كافة الأديان السماوية والوضعية والفلسفات ذات القيم الإنسانية حرمته، وعدته من نقائص الشخصية، وضعفها، ولا يأتيه إلا أرذل الناس، إلا أن الواقع المعاش يفرضه على مفردات اليوم في كل مكان، ولعل ضغوطات الحياة، وانعدام العدالة الاجتماعية، وأسباب تردي معيشة الأفراد، والكوارث الإنسانية، والسخط الشخصي، يجعله حاضراً في كل لحظة، وكل حركة، وكل ردة فعل.
يبدأ السب في المنزل على أتفه الأمور، لينتقل للجار حين الخلاف، ولزملاء العمل حين الاختلاف، وللشارع حين الاصطدام بكل شيء، صعوداً للسياسيين، وللأغنياء، وللأحزاب، وللحكومة حتى أعلى الهرم السياسي، حين الحنق وحين الظلم، وحين الغضب، ثم يأتي سب الدين خاصة عند الشعوب التي يسكن أرضها أكثر من دين، وفيها ملل ونحل وطوائف عدة، وأغضب السب ما يطال السماء، لذا كنا في مجتمع الإمارات نستغرب في البداية سب الدين، ونغضب له، خاصة حينما أتى مع قدوم أهل الشام الذين يكثرون من شتم الدين، والتكفيريات الخاصة بهم في نعت الربوبية، لأنهم آتون من مجتمع متعدد الديانات والطوائف، فشكل لنا صدمة، لم نفهمها في حينها، وقد يستعاض عن السباب والشتائم بالنكتة، والسخرية، وهما في حقيقتهما سب مبطن، وفيه تحايل على اللغة، وقد يكون أقسى، تماماً مثلما نجد شعر الهجاء عند العرب، وخاصة الفاحش منه، مثل النقائض عند الثالوث الشعري الأموي، الأخطل وجرير والفرزدق، والذي يطال كل شيء دونما أي حرمة أو خلق، كما أن هناك نوعاً آخر من السب والشتم، وهو اللعن الصامت بالإيماءات والإشارات، وحركات اليد أو الفم، والتي يفهمها الطرفان الساب والمسبوب.
ردات الفعل على السب والشتم واللعن والقذف تختلف أيضاً من مجتمع لآخر، وحسب نوع المسبة، تبدأ بالرد بأقبح القول أو ردة الفعل العنفي أو القتل الفردي أو حتى إقامة الحرب، لذا جاءت القوانين لتحد من ردة فعل الغضب الجمعي، وتمنعه، وتعاقب على ردة فعل الغضب الفردي، وتقتص منه.
وقد انحصرت مفردات السباب ومواضيعه عند الشعوب وفي لغاتها، حسب طبيعة هذه المجتمعات، غير أن هذا لا يمنع أن تكون هناك «ثيمات» مشتركة بين الشعوب، مثل الجنس، والدين، والعنصرية، والتشبيه بالحيوانات، والمثلية، والدعارة، والأعضاء التناسلية، والإفرازات الجسدية، والأمراض، وخاصة العقلية، ومسبات الأهل، وخاصة ما يقع على المرأة كنوع من قسوة المجتمع الذكوري نحوها.. وغداً نكمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعوب تتعارك بألسنتها 1 شعوب تتعارك بألسنتها 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates