تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة وحقيبة سفر -2-

تذكرة وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

في سويسرا ستجد كلَّ أنواع التجارة، وأغربها وعلى أصولها الراقية، هناك دكاكين لكل شيء، ويمكن أن تقدم أي شيء بطريقة قانونية، حيث المخالفات محسوبة وممنوعة، هناك مراكز الرفاهية والاسترخاء والمتع المشتهاة، مراكز للتخلص من التوتر والقلق وتعليم النوم المبكر، مراكز الجمال ومستحضراته وأدواته، مراكز تدرسك أصول «الإتيكيت» ورقصات «الفالس والتانغو»، مراكز لو تطلب منهم أن يدقّوا لك الماء، فسيفعلون بتفانٍ، المهم لكل شيء قيمته، لذا حضور سويسرا كثر، وقاصدوها لا يحصون ومختلفون، هناك من يأتيها لمنظماتها الدولية، ومزاداتها الفنية، ومعارضها المتعددة، ومن يأتيها بقصد التشافي والتعافي أو نقاهة مرضية، ولكن الأغرب من يأتيها من أجل التظاهر، ورفع اللافتات السياسية، ودكاكين سويسرا جاهزة لهؤلاء النفر، فلكل قضية هناك لافتاتها المكتوبة بلغات مختلفة، وجميعها مسبقة الصنع، فالذي يريد أن ينغّم على وتر حقوق الإنسان عندهم طلبه، ومن يشكو تعسفاً من حكومة بلاده، ويتحدث عن سجناء سياسيين وأمن سري، فعندهم مبتغاة، ومن يطالب بحرية مدنية وحقوق للفئات المثلية، فاللافتات يمكن أن يحصل عليها بالمجان، فمستودعات الدكاكين مكدسة بألوان قوس قزح، ومن يريد أن يحصل على مشجعين للتظاهرة التي ينوي القيام بها، فهناك وكالات متخصصة لذلك، بإمكانها أن تزودك بالفريق والكمية والنوعية التي تريد، وكل بسعره، حقوق الإنسان والاضطهاد والمطاردة السياسية، هؤلاء موجودون من الجاليات الفقيرة المختلفة والتي تسكن الضواحي البعيدة، حتى إن بعضهم مستعد أن يأتي للمظاهرة بـ«كوبون» وجبات غذائية، أما التظاهر من أجل حقوق المرأة، فالتسعيرة فيه غالية، لأنه يتطلب وجوهاً جميلة لافتة لكاميرات الإعلام، ويتطلب شيئاً من المعرفة، ويتطلب حماسة زائدة، وبعض التوابل كالاستعراض العاري للتسليط الإعلامي، أما التظاهر من أجل البيئة، فتعرفته تكاد تكون مجانية، لأنه يعتمد على التطوع، والإيمان بالمبدأ، في سويسرا يمكنك أن تؤجر أكُفّاً للتصفيق دعماً للمعارضة، وأكفّاً للتصفيق مع النظام القائم، طبعاً كل هذه اللعبة خارج المستطيل الأخضر السويسري النظيف سياسياً وإدارياً وقانونياً، هي للمتشاجرين والمتناحرين والمعارضة «الوطنية» الساكنة سويسرا، والتي تريد أن تنقذ بلداً أفريقياً أو عربياً أو لاتينياً منكوباً، فالمعارضة «الوطنية» لا تنمو ولا تكبر إلا بـ«الشيكولا» السويسرية.
لكن.. سويسرا ليست جنيف، ثمة أماكن هادئة ومسالمة كصمت الكنائس الباردة والخالية إلا من صلاة، أماكن فيها وداعة الريف والخضرة وسيرورة النهر العجوز، وأماكن تحتل سهول الجبال المكسوة بخيرات الله، وقرى متناثرة مكتفية عن المدينة والطريق إليها، تتمنى لو يكون لك فقط مطرحٌ قطنيٌ تحت ظلها الظليل، تقول: كأنها قطعة من الجنة، حالماً أن يكون خريف العمر بينها، وفيها، وغير بعيد عنها، إن سمحت جيوبك، وكنت تدخر درهمك الأبيض لخريفك التقاعدي الرمادي أو الأسود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates