تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة وحقيبة سفر -1

تذكرة وحقيبة سفر -1

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

هناك بلد وحيد لا يمل المسافر منه أو لا يمتعض إن جاءته سفرة مفاجئة له أو ربما كان قريباً من مدن أوروبية كثيرة، فلا يختار الذهاب إلا له، وحده البلد إن علم المسافر أنه سيتجه صوبه تظهر عليه ابتسامة مقتلعة من داخل النفس، فتنفرج أساريره. يكفي المسافر له المبيت فيه ولو ليلة، ويكفي المستعجل المكوث فيه لساعات، هو بلد مهادن مساكن، ومفتوح على كل الجهات، وكل الاحتمالات، ومدنه وحدها من تجمع فضائل المدن، سويسرا، هو البلد، ومدنه مثل قراه، مثل ريفه، مثل أناسه، كل له خصوصية، وكلها تعطيك معاني للرقي، وقناعة النفس، وأتذكر زماناً حين كان يقول الواحد: «أنا ذاهب إلى سويسرا»، يظهر حسد الكثير من الناس له، بأنه غني، وقاصد الذهاب من أجل دفن فلوسه هناك أو على الأقل تسمع الناس البسطاء يقولون: «هذا فنان، وراقي شغل سويسري، منو يروم له»؟! والكل كان يتمنى لو كان هو مكان ذلك المسافر إلى سويسرا.
لعل سويسرا هي الجهة الوحيدة في العالم، والتي يقصدها الناس وكلٌ في قلبه هواه، وينشد ليلاه، فالأغنياء يحاذون حدودها الفرنسية، حيث كل شيء مستساغ ومستطاع، ولا تجد ظلاً للفقراء، ولا المزاحمين هناك، باختصار لا شيء يمكن أن يسد الأفق أمامهم، والنخبة يعشقونها شتاء عند حدودها الألمانية، حيث لرائحة احتراق الحطب في المواقد، وطعم الكستناء على الجمر، لذة مجنونة، ولهيب النار يتعاكس مع بياض الثلج الذي يعادل النوافذ الخشبية، وثمة حركة في الداخل لنادلات بملابسهن السوداء وقمصانهن البيضاء المتأنقة يعادلن الكؤوس وأطباق الجبنة والفواكه المجففة، لا شيء يمكن أن تسمعه في ذلك المكان الخشبي والثلجي غير موسيقى تسرقك، وغير رقصة وثنية يتناغم فيها الجسد الأنثوي مع النار الساكنة كأفعى نائمة، في حين العشاق والبوهيميون والفنانون والشعراء يقصدون حدودها الإيطالية، حيث لا حدود للأشياء، ولا شيء يحدّك، لك المبتغى والمشتهى والمنتهى، وهناك أناس يقصدونها لسويعات أثناء الدوام الرسمي للمصارف ذات الجدران الصامتة، والخزائن الرقمية المتجمدة، حيث للمرابين قفازات بيضاء مخملية، وخدود تلتمع من عطور ما بعد الحلاقة المواظبين عليها كل صباح، أناس موعدهم السنوي مع معارض ساعاتها الراقية، والتي لا تعرف التأخير، ولا تعرف معاصم الفقراء، وهناك أناس يتفتتون من الدلع والنعومة الأرستقراطية، كأن تكون واحدة من تلك النساء المنعمات الناعمات في عاصمة قريبة، وتشتهي أن تفطر على الخبز السويسري، ومربى التوت البرّي، وعجة البيض مع الأعشاب، وعصير البرتقال المنزوعة منه لسعة الحامض، والبعض منهن تخطف رجلها سريعاً إلى موعدها في عيادة التجميل، دون أن تخبر أحداً بذاك السر الدائم للشباب، بعضهن تستهويهن الشيكولاتة السويسرية فتتوقف لساعات بقدر ما تتزود طائرتهم بالوقود، لتتزود هي بعلب الهدايا، رجال يأتونها نهاراً ليناموا، ويسهروا ليلاً، إما على طاولة خضراء مخملية أو في ليلة حمراء سرمدية.. وغداً نكمل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates