تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة وحقيبة سفر -2-

تذكرة وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

من الأمور التي تجعل المسافر المؤمن قديماً يركن، ويركد في السفر، ويمد رجلاً، ويقول: طاب المقام! منظر «سيخ الشاورما» الذي يتلامع من بعيد، ويدعوه ليقرب أكثر ليسمع طقطقة الشواء، وهو أمر يجعل تفاحة آدم لا تستقر في «اليرعبة»، فيتأمل ذلك المعلق كجذع نخلة، خاصة إذا ما تراءت له تلك اللافتة المؤمنة «لحم حلال» ويجد من يبيعه تركياً أو عربياً، ساعتها يمكن للواقف خلفه أن يسمع لعظام ظهره صريراً كصرير الباب، لأن زمان التمسك والتشدد والنفس اللوامة، كانت أمنية الواحد منا في المدن البعيدة أن يجد مطعماً إيرانياً، فيضمن عدم الرجس واقتراف الذنب أو يصادف مطعماً لبنانياً، فيقول: «هالوو بيروت.. من فضلك يا عيّنيّه» أو يعثر على مطعم هندي، فيربّخ أطرافه، ويسترخي، لأنه يعرف الهنود، وجرب مطبخهم، ولو كان أكلاً من فئة لا يحل للمتقين ذبائحها. 
الإنسان أسير ما ألف، خاصة أولئك الذين لا يحبون المغامرة، ويكرهون التجريب، ويصابون بتلبك معوي إن قرّبوا من أكل لا يعرفونه، اليوم من بذخ السفر عند المحترفين السفر من أجل التلذذ بأكلات الشعوب، والتعرف عليها، وعلى طقوس تقديمها، وتذوقها مع مستحضراتها التي تسبقها، والتي تأتي بعدها في فضاء من المتعة والرومانسية، وقضاء أوقات دافئة في المطاعم المشهورة التي يحتاج بعضها للحجز المسبق قبل أشهر، خاصة في أوقات الاصطياف أو في أوقات الرحلات الشتوية أو نظراً لأسعارها الغالية جداً، وزبائنها رفيعي المنزلة من نخبة المجتمعات والمشاهير، ولا ترغب هذه المطاعم أم الشوكة الذهبية أن يحوط حولها السياح الذين يسألون عن سعر كل شيء، ولا يعجبهم الكثير، ويحدثون قرقعة وأصواتاً أثناء الأكل، ولا يحبون أن يدفعوا إكرامية بعد الخدمة، مثل هؤلاء من غالبية السياح تفرحهم تلك الإشارات المضاءة ليلاً ونهاراً كعلامات المطاعم الشعبوية بحروفها المبالغ فيها، والتي يعرفونها وجربوها أكلاً وسعراً. 
اليوم.. ليس مثل زمان، لقد حلت المسائل، وأصبح كل شيء متاحاً، وعولمة المطاعم والمقاهي وسلاسلها موجودة في كل مكان، حتى في محطات الوقود، ولم يعد للمتوجسين من عذر للقلق غير المبرر، بقيت نسبة قليلة، ولكنها صعبة المراس، مملة في السفر، وتغصص عليك في كل حين، وتنغص عليك رحلتك، منهم النباتيون الذين يأكلون الحشائش والطحالب والشَّبوّ، وكل ما علق في الماء أو لبث على الأسطح الرطبة، ومنهم من يعفّون عن أكل اللحوم بأنواعها، ويربكونك بأكل ثمار البحر الذي يغث نفسك، ويلوّع كبدك، ومنهم الذين «يجزون» ويشككون في كل شيء، بدءاً من غسل الأكل قبل طهيه، ونقاوة الزيت، ونظافة أظافر «الشيف»، والشك بأن النادل يعاني من أمراض معدية، ولا تظهر عليه أعراضها أو أن الطباخ من الناقمين، هؤلاء إن رافقتهم أسبوعاً فستعود مثل «الخريطة» أو في ضآلة حجم «غاندي»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 11:16 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

صلاح محسن يشعر بالسعادة لارتدائه الفانيلة الحمراء

GMT 11:56 2015 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات بتراجع أعداد الدب القطبي بنسبة 30% بسبب تقلص الجليد

GMT 23:53 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحواض السمك تجلب الهدوء وتضفي جمالًا على حديقتك

GMT 17:42 2013 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

الاحتفال بذكرى رحيل عمار الشريعى بإذاعة الشرق الأوسط

GMT 04:41 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الربيع يحل قبل 3 أسابيع في الولايات المتحدة الأميركية

GMT 23:42 2013 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

"شل" تتراجع عن بناء محطة لتحويل الغاز إلى سوائل

GMT 16:03 2012 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

5 بنوك تمول إقامة محطة كهرباء في السويس

GMT 16:42 2012 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

الفودكا" تنقذ فيلتين من صقيع روسيا

GMT 03:05 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تجهز منشأة لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض

GMT 03:59 2013 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

اكتشاف فصائل جديدة من النبات والعناكب بماليزيا

GMT 22:05 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

حقيقة انفصال كارول سماحة عن زوجها وليد مصطفى

GMT 08:02 2012 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

"بورشة" الألمانية تتوقع نمو مبيعاتها في 2013
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates