ظلال نساء هاربة

ظلال نساء هاربة

ظلال نساء هاربة

 صوت الإمارات -

ظلال نساء هاربة

بقلم - ناصر الظاهري

 امرأة ارتدت سنواتها التي لم تبلغ العشرين، وجاءت من خلف جبال «الهندوكوش»، تتبع ظل رجل معطوب من تلك الحرب، جاءت بسترها ودهشتها، رأت كل ما يلمع في المدينة، أبهرتها أشياؤها التي لا تعرف، بقيت حبيسة الغرفة المستأجرة، والمحوطة بغرف صغيرة مثلها تئن من الرطوبة، ووجع عمال مغتربين، وعوائل تتكاثر كل عام في المساحة نفسها، وبقي ظل ذلك الرجل المعطوب خلفها وأمامها، وهي تفرحها أشياء المدينة، وحين خيّم الليل، ونامت عين المحارب المعطوب، انتصرت لدهشتها، وفضلت ظل المدينة.
* صبية لاتينية يظهرها شكلها ذاك الآتي من جبال «الإنديز»، وتلك السرعة المتداركة في لغتها التي لا تخطئها الأذن، تبدو أنها تبكي لهاتفها، وتعاتب هاتفها، لكن بعد أن احتدت في الحديث وارتفع الصوت، وأشعلت سيجارة من سيجارة، واحمر الوجه من حمى البكاء العميق، وسال عَرَق بجانب الصدغ اليمين بتكاسل متناهٍ، أمكننا أن ندرك أن هناك شخصاً غير مبالٍ على الجانب الآخر والذي كدّت من أجله كثيراً، حتى قمصانه الكتانية تبدو أنها كانت تشتريها له، لكنه لم يحفظ الود، ولم يمنعه جمالها المتواضع من المغامرة باتجاه أخرى، خاصة في غيابها وراء الرزق، كان ليلها باكياً، مجروحاً بما تعتق من العنب، والدخان الرمادي، في تلك الليلة تعب قلبها، وتعب هاتفها، وذاك النشيج الذي عادة لا يخرج من صدر امرأة، حاملاً كل هذه الترددات كصدى الحفر العميقة، إلا إذا كان تنهداً على رجل وهبته عروق حياتها أو على بنت صغيرة تكبر بعيداً عنها، وتخاف أن لا تراها ثانية، تخطو نحو مدرستها وعمرها.. سعيدة!
* عجوز أسترالية وحيدة على كرسيها مع كتابها الباقي ربعه الأخير، بلباسها الرياضي الذي لا يتناسب وخريف العمر، لكن كل العالم الآخر كان لا يعنيها، كانت في ذلك المساء الذي كأنه حجزته لنفسها، تبدو أنها تعيش لحظتها أو هكذا توحي للآخر، بعد أن خدمت في مجال التعليم حتى ملّت، وملّت الحياة الرتيبة شبه اليومية، ووجه زوجها المحايد العائد كل ليلة من مشرب القرية الوحيد، تلك المرأة التي زحف إليها العمر سريعاً دون أن تدري، فجأة قررت أن ترى شمساً أخرى غير شمس أستراليا، وأن تجرّب خطو قدميها على رمال لم تعرفها، فكانت الرحلة التي لم يكن فيها من رفيق، غير ذاك الكتاب المشرف على الانتهاء، وتلك السعادة التي تسرقها من عيون أشخاص هم في العشرين! 
* امرأة تقتات على غرباء المدينة، تنزوي في ركنها المعتاد، تلبس لكل يوم حزنه أو فرحه، تجلس وحيدة وحين تهم بالخروج تتبعها ظلال عرجاء كثيرة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظلال نساء هاربة ظلال نساء هاربة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates