تجربة في طعم الحنين 2

تجربة في طعم الحنين -2

تجربة في طعم الحنين -2

 صوت الإمارات -

تجربة في طعم الحنين 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

في ذاك اليوم رافقتنا السعادة، وكانت لي فرحة الفُرجة على السعادة حين يرسلها الآخر لك، هكذا فعلت صديقتنا المترجمة ودليلنا السياحي، وهي تجوس بنا ديارها القديمة مرتع طفولتها، وتحسسها للأشياء التي كانت حاضرة، توقفت عند شجرة كبيرة، وقالت: هذه الشجرة كانت كبيرة، واليوم صارت أعظم، لقد شاخت مثلما شاخت أشياء كثيرة في مدينتي تركستان، لم تبق إلا تلك الروائح العابقة بمسك الماضي، ودعت مدينتها بعد أن مررنا بسوقها، وبأشخاص كانوا عالقين في ذاكرتها الطفولية، واليوم تبدلت هيئاتهم، وكان للوقت بصمته على وجوههم، وحدها قلوبهم ظلت كما هي.
تلك التجربة قادتني لأكررها مع صديقة أخرى في مدينة أخرى، كان ذاك في صيف جزائري محض، فهذا البلد الجميل والمترامي الأطراف فيه كل مؤهلات السياحة العالمية، غير أنه يحتاج إلى اهتمام، وتقديم خدمات كثيرة لكي يكون منطقة جاذبة للسياح من كل أطراف العالم، فالتاريخ هنا، والشواطئ الخلابة هنا، والتراث والإرث الثقافي المتنوع هنا، ويمكنك أن تجد البحر والجبل والصحراء والسهول هنا، وهو بلد يمكنه أن تجد جهات العالم قريبة منك، ويوصلك لها بسهولة قصر المسافات، لكن قد تخونك الوسيلة. 
قادتنا الخطى إلى قاع العاصمة القديمة، إلى وادي قريش، وحي بوفريزي، حيث كانت المدرسة الأولى «حمدان بن خوجه»، كانت السعادة تسبقها، وتجاري خطوات الطفلة المتسرعة بحقيبتها لكي تلحق بصديقات صفها، متذكرة طرقاً ماطرة في صباح باكر أو ظل غيمة تتبعهن وهن راجعات قبل المساء، بعدها أخذتني إلى القصبة تلك البقعة الضاجة بالناس والأحداث والتفاصيل الكثيرة، حيث المدرسة الثانوية «عقبة بن نافع»، كانت تتحدث عن أجمل فترات العمر، وأجمل الذكريات، وأجمل الأشياء العالقة في النفس، دكان بائع الحلوى «قلب اللوز»، المخبز الذي يقدم «المسمن والمحاجب وقراناطيطا» تشهت بعمق تلك المخبوزات والعجائن الساخنة والتي تلهب يدي الصبية، وتتقاسمها مع زميلاتها، قد يتفيأن ظلال شجرة قبل الصعود على درج إلى باب الواد، ثمة محال ودكاكين صغيرة غادرت مكانها، وحلّ بدلاً عنها محل هواتف برّاق أو بوتيك يستورد أشياءه المقلدة من الصين وتركيا، سألت عن «العم رابح» وعن «الخالة بهيجة»، عن محل القصابة، وعن مقهى كان يجلس فيه أبوها، عن جيران الأمس، لم يعد أحد يتذكر من الجيل الجديد، كيف عاش الجيل القديم، وحين تسأل عن دار الجد الكبير، يتذكر الشباب، ويدلونها على مكان عفر عليه الزمن، وحدها الأشجار التي تحيط به تسامقت وكبرت، محافظة على روح المكان، كانت رحلة جميلة من خلال عيون الآخرين، غسلت القلب من الداخل، وضمنته سعادة بالغة، تمنيتها أن تدوم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجربة في طعم الحنين 2 تجربة في طعم الحنين 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates