تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة وحقيبة سفر -1-

تذكرة وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

الرحلات الجميلة، هي تلك الرحلات التي يهتم فيها المسافر بوعي بروحه وجسده، فلا يضمي الروح، ولا يهتك الجسد، ولقد تجنبت طيلة حياتي الكثير من الأسفار مع بعض من الزملاء والأصدقاء ورفاق السفر، لأن البعض منهم ينهك الجسد في رحلاته، فتتعطل الروح معه، والبعض الآخر كان يدعونا لرحلات تخص الروح وحدها، فيضعف الجسد بذلك الزهد المتعمد، لذا عاديت السفر إلى بانكوك أيام عزها وفجورها، وحرصت أن أزور جزرها الجميلة والمجهولة، خلافاً للكثيرين، وتجنبت مدن الرجس، وغامرت نحو تاريخها وتراثها وقراها وأريافها وثقافاتها الاجتماعية، وابتعدت عن تلك الرحلات التي كان يدعونا لها «جماعة الدعوة» من الأصدقاء والمعارف إلى بنغلاديش وباكستان والهند، فيما يسمى بالخروج أربعين يوماً في سبيل الله، وبقيت على ذمة النية بالخروج، حتى تعبوا مني، وملّوا، بقيت مخلصاً لقناعاتي، أسافر حينما أرغب لروحي بالتشافي مما قد يعلق بها، ولا تهم حينها الوجهة، ربما جبال الهملايا بجانب نسّاك نذروا أنفسهم للحقيقة وصوم الدهر، واتباع الحكمة أو إلى أحد مصحات «التشيك»، أو «جنوب الهند» حيث المعادلات الحسابية بين ما يدخل الجوف، وما يعطي الروح من تأمل عميق، وأسافر كذلك حين يشكو الجسد من تعب الأيام، وضجر الوظيفة، وحمله بعضاً من أوزار الآخرين المجبر عليها، كنت أذهب حينها ودائماً ابتغاء الصفاء الروحي، ومتعة الجسد وإغواءاته، بعيداً عن الأذى، وأبعد مما قد يؤذيني، في موازنة، للروح ما تتمنى، وللجسد ما يشتهي، وهذا أمر أقلق الفلاسفة والحكماء والأدباء منذ الأزل، وحيرتهم تلك العلاقة التي بين الروح وبين الجسد، وإلى أي مدى يمكن للجسد أن يحمل الروح، ويتحملها بثقلها ذي الأسرار المعرفية، وأفراحها الكبيرة والصغيرة، وعذاباتها المؤقتة والسرمدية؟ وإلى أي حد يمكن للجسد أن ينوء بمعرفة أسئلتها الوجودية الكامنة فيها؟
في بعض المدن تكتشف روحك، وفي بعضها كان للجسد صوته الطاغي، لا يمكن أن تكون في فيينا ولا تخمر بتلك الموسيقى العريقة، ولا تحضر ليلها العابق بشتى أنواع النغم الراقي، والتجوال في عوالم من الفيض النوراني الذي يسكر الروح، ويجعلها قريبة من الأشياء الخيّرة، لا تدري لِمَ يحرم البعض الروح مثل تلك العلاجات التي يمكن أن تحلق بأرواحهم بعيداً وعميقاً، حيث السكينة والطمأنينة؟
تكون في جزيرة مثل تلك الجزر السابحات على وجه الماء، كإحدى جزر إسبانيا الراقصات مثلاً، فيرغب الجسد في الانعتاق، والأكل في غير وقته، والنوم كيفما يريد، يعشق التكسل، والتمطي، فلا تمنعه، تلك أمنيات واشتهاءات قد يأتي العمر، ويمنعه منها يوماً، تلحّ عليه رغبات طفولية، وأمنيات كانت مثل الأحلام تزوره، عدّه ولدك المدلل، خذ بيده حيث يشتهي من الأشياء، وحيث تغمره السعادة، وترجفه الفرحة، فيتحد مع الروح في عناق يدوم.. ويدوم طويلاً، وغداً نكمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates