في وداع «آخر الخوارج»

في وداع «آخر الخوارج»

في وداع «آخر الخوارج»

 صوت الإمارات -

في وداع «آخر الخوارج»

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

بعض الأخبار تعرفها، ولا تريد سماعها، لأنك حينها لا تجد إلى السماء مصعداً، ولا في الأرض مقعداً، فقط يتملك ذاك القنوط، ضارباً كفاً بكف حسرة، وضيقاً، كيف يتساقط الرجال النُبلاء فجأة من غير تلويحة وداع، ولا شيء من بعض الوصايا المخبأة في صدورهم التي يمكن أن يودعوها كقلائد في أعناق مريدهم، ولا ثَمّ أحد يمشي خلف جنازاتهم الغائبة في عُتمة الزرقة، يستمطر الدعوات وآي الصبر، وإنا إليه راجعون، هكذا ترجل «آخر الخوارج»، رجل جميل من زمن جميل، «رياض نجيب الريس»، ذاك الدمشقي الذي أبصر النور في عاصمة الأمويين، بكراً لرجل وطني، وصحفي وشاعر، ومناضل، وصاحب جريدة «القبس» التي بقيت تصدر ثلاثين عاماً حتى أغلقت في زمن الوحدة العربية بين مصر وسوريا عام 1958، بسبب تأميم الصحافة، صارخاً من وراء القضبان: 
يا ظلام السجن خيم إننا نهوى الظلاما
ليس بعد السجن إلا فجر مجد يتسامى
أرسله والده للدراسة في بيروت، فوقع في حب تلك المدينة، ثم إلى لندن، فهام بهذه المدينة، وشكلت هاتان المدينتان فيما بعد مفاصل حياته، وتفاصيل نجاحاته، أكمل دراسته في جامعة «كامبريدج» وعمل في الصحافة الإنجليزية، تعاون مع مؤسس جريدة الحياة «كامل مروّة»، ثم مع مؤسس جريدة النهار «غسان تويني»، غطى حرب اليمن بين الجمهوريين والملكيين، وحرب ظفار، وفيتنام، وربيع براغ، وانقلاب اليونان العسكري، وأحداث قبرص، زار أبوظبي مبكراً في منتصف الستينيات، هزمته الحرب اللبنانية الأهلية، فغادر بيروت لمدينته الثانية لندن، وأسس جريدة «المنار»، ثم مجلة «الناقد» الجميلة والمثيرة والعميقة، والتي كانت تصل صندوق بريدي الباريسي المعدني البارد خلال منتصف التسعينيات كل شهر، كنت مترقباً لها، لأنها كانت تأتي، وتأتي معها أشياء كثيرة مُسعدة، قبل أن تكسر أضلاعها، وتظهر في حلة أخرى وباسم «النقاد»، ولأن «رياض» مثير نقع الأسئلة، ولا يرضى بالسائد، ويبحث عن البعيد والعميق من الأمور، كأي خارج عن النص الجامد، أسس دار نشر عربية مثله، وتحمل اسمه، فأغنت المكتبة العربية بكم جميل وهائل من الكتب، إضافة إلى مكتبة الكشكول، كان دائماً ما يشكو لأصدقائه، وهم كُثر، أن كتب داره يصعب عليها تجاوز الحدود العربية، وأن مشاركاته في معارض الكتب العربية كانت محاولة لكسر هذا الحظر الثقافي، وكان ينجح حيناً، وأحياناً يخفق مع بعض الدول المتزمتة، غير أنه كان يعرف كيف يسربها بطريقته التي تعلمها من نضال أبيه، وكفاحه الشبابي.
بقي أن أتحدث عن «رياض نجيب الريس» كصديق جميل لا يتكرر، كان شغوفاً بالحياة حد المطلق، كريماً كأي عربي حقيقي، مطلعاً، مثقفاً، مهنياً من الذين يمكن أن يختصروا لك الحياة في جملة، والعمل الصحفي في سطر، والعلاقات الإنسانية في دقائق، ربطتني به مدن مثل، أبوظبي، بيروت، لندن، ومدن أخرى، جمعتني به أمسيات وليال، ونهارات مدن كنا نشتهي فيها كل شيء، كان آخر لقاء به في بيروت التي ودعته بالأمس وهي مثخنة بجراحها التي لم تنته بعد، وداعاً أيها الناشر كلمة الصدق والجرأة وعميق الأسئلة، وداعاً لآخر الخوارج الذي كان يحضّنا دوماً على المعرفة بالمطلق، والحياة بالمطلق، وداعاً جميلاً يليق برجل نبيل كـ «رياض نجيب الريس».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في وداع «آخر الخوارج» في وداع «آخر الخوارج»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 19:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 21:09 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

"داميان هيندز" يطالب بتعليم الأطفال المهارات الرقمية

GMT 11:11 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حسن يوسف سعيد بالاشتراك في مسلسل "بالحب هنعدي"

GMT 03:01 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حسين فهمي ووفاء عامر يستكملان "السر" لمدة أسبوع

GMT 16:07 2013 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم النينجا المكان الوحيد الذي تخدمك فيه النينجا

GMT 20:43 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تقدم الدعم الفني لجيبوتى لتأسيس أول معهد للفنون الشعبية

GMT 00:02 2020 الخميس ,21 أيار / مايو

ميسي ينعى فيلانوفا في ذكرى رحيله

GMT 04:12 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد تناول كوب نعناع في اليوم

GMT 18:59 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

سجون تحولت إلى فنادق فاخرة كانت تضمّ أخطر المجرمين في العالم

GMT 00:57 2019 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

روستوف أون دون مدينة السحر والجمال و تقع في جنوب روسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates