بقلم - ناصر الظاهري
- كل شيء يمكن أن تراهن عليه في الحياة، ما عدا النفس البشرية، تلك المتقلبة في لحظة، وفي غفلة، ولسبب يستحق، وكثيراً لا يستحق، تجدها تضرب عن الحلول المقترحة، ولا تفكر في البدائل، وتقدم الصد والقطيعة، تنسى كل جميل الوقت، ولا تتذكر إلا تلك اللحظة التي قبضت عليها، معلنة عليك التقلب، فتصنفك ضمن الأعداء بعد ما كنت ضمن الأصدقاء في حكم ربما يكون متسرعاً، أو من أجل تبدل المنافع، وتغير المصالح، أو لأي سبب قد يكون منها المزاج ذلك الشيء المعقد والمبهم، والذي هو المحرك الرئيس للنفس البشرية.
- يا جماعة الخير.. الجميع أصبحوا أطباء ومن ذوي الاختصاص في زمن كورونا وتداعياته ولواحقه المتعاقبة، أطباء «تيك أويّ أو تيك توك» ممن يظهرون في ظرف خمس دقائق ليشرح لك الموجة الثانية من كوفيد- 19، ويبسط لك الأمور بحيث تعتقد أن الإجراءات البريطانية الاحترازية المشددة، وغلق الأجواء والحدود، وكلام رئيس وزرائها داعياً البريطانيين أن يصبروا هذا العام، لكي يحتفلوا بأعياد الميلاد المقبلة، كله من فراغ، إذا لم يكن هناك في الأساس فرضية المؤامرة من حكومات الخفاء، وبعض من هؤلاء الأطباء في ظرف دقائق قليلة، يغلق كل الأبواب أمام أي حلول مبشرة للإنسانية، ويشكك في أنواع التطعيم والعلاجات، وربما ينصح بالزنجبيل والليمون وورق الأشخر كحل رباني من الطبيعة، لا أدري لم لا يخرس مثل هؤلاء، ويدعون الرجال المخلصين للإنسانية أن يفعلوا، لأنهم قليلو الكلام.
- والله يا بعض من الرجال أن خفه أكبر من خف البعير، تقول هذا البني آدم هو شال ركبه، والا ركبه شاله جثته، وكَفّه كَفّ عفريت، مثل هذا الإنسان تحلف يمين ما تدخله بيتك، لأنه يمكن يدوس عيالك الصغار، و«بيلايم» الأخضر واليابس، ويلطم الأوليّ والتالي، شوابنا الأولين كانوا ينصحون عيالهم: «آه.. ها تناسبه، تراه عقب كل صلاة جمعة، «بيتخيطر» عليك، وهذا «نصيفية عيش» ما تسد بطنه، تذكرت ذلك حين رأيت شخصاً «قهمة»، هذا سِيْرَه، أول ما رأيته أوحى لي أنه من الكائنات المنقرضة، لأن هؤلاء صعب أن يولدوا مثلهم في القرن الثالث، الآن كل الولادات على القَدّ، وكل نصيبنا مما ورثنا من الأوليين الربع على الأقل، بس بصراحة حين رأيته فرحت فرحاً كثيراً، وقلت: إن الدنيا ما زالت بخير!