تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري

كنت في بداية السفر شغوفاً أن أسجل أسماء الفنادق، ورقم الغرف التي أسكن فيها، ثم لا تعود تهتم إلا بتلك السرقات الجميلة، كقطعة صابون أو شامبو أو كريم عليه اسم الفندق، والأقلام لصديق يعشق هواية أقلام الفنادق، والكبريت لآخر من الأصدقاء يهتم بتلك الهواية الحارقة، ويشترط أن تكون علبة الكبريت الفندقية نظيفة، المهم أن تلك الغرف الفندقية القديمة والتي سجلناها في أوراق السفر والرحلات هي التي ما برحنا نتذكرها، أما الغرف الجديدة فالذاكرة العمرية تقوم بإلغائها تلقائياً، لكن لو حاولنا أن نتوقف على شرفات تلك الغرف، ونجر الربابة، لا شك أننا سنتذكر أشياء غالية، وجميلة، وأشياء لها رائحة الغياب، والوحدة، والترقب، والدموع، لقد كانت غرف وشرفات غنى لها الصدر:

- غرفة تطل على موج المحيط في جزيرة «كوساموي» التايلندية، وشجرتا جوز الهند عملاقتان تتسلقان الشرفة في الدور الرابع، وأجواء بقيت مفعمة بالفرح والكتابة، وخدر الأمسيات حين تتمناها أن لا تنتهي، ظلت موجودة، وإن تلاشى الموج الذي كان ينحت صخر المحيط.

- غرفة في فندق بائس في بومبي، تكاد لافتته أن لا تبين للناظر إلا عن قرب، يوقظك الناس الساكنين في اللا مكان قبل الفجر، وإذا بها ساحة، عجوز بإبريق ماء، طفل يتعصر عند الجدار، مقهى ينزل أكواب الحليب للزبائن على طابوق مركوز هنا وهناك، جواميس تتشمم التراب بتثاقل، مشاحنات بين سائقي الأجرة، وشاحنة فاغرة فاها، وباعة خضار، وأشخاص يستحمون في العراء.

- غرفة مطلة على غابة صنوبر، وقبالتها البحر في بيروت، وشرفتها كانت دائماً مزينة بـ «الترويئة» الصباحية التي لها عطر أنثى الندى، وكسلها اللذيذ.. آه ما أطيب النوم صباحاً هناك، على كنبة الخيزران حين تأتي من تلك الغابة الصنوبرية رائحة قشعريرة الصباح وحدها.

- غرفة في «ريتز» مدريد، من تلك الغرف ذات الأسقف العالية التي تشعرك أنك من بقايا الـ «بارونات»، وأنك ستشيخ متأخراً، وستظل محافظاً على ثيابك الصيفية البيضاء، وألوانها الفاتحة، وذلك الحذاء الـ «مونكاسان» الذي يرتدى عادة من دون جوارب، تفتح عيونك فلا ترى إلا تلك الحديقة، والريح الخفيفة تلعب مع عصافيرها، تماثيل مغطاة بالندى، ومتاحف تنهض باكراً لاستقبال العشاق، عشاق الحياة وإسبانيا.

- غرفة باريسية مطلة على نهر الـ «سين»، زجاجية المشهد، في الدور السادس عشر، لكنك تستطيع أن تسمع تنهدات تلك الراكضة صباحاً، بظفيرتها الطائرة، تتدرب وتتأمل نحو النهر، تستطيع أن تسمع خطى خمّار الحي، وهو يجرها من تعتعة السُكْر والتعب، تستطيع أن تقول لك تلك الشرفة: إن باريس اليوم فرحة بشمسها الخجلى أو أنها ستختبئ عن مطر مباغت يود مشاغبتها في قـادم خريفها الحلو.. ونكمل

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 19:41 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أزمات إقليمية جديدة

GMT 19:23 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قيصر روسيا... غمزات من فالداي

GMT 19:19 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المفهوم الايراني للانتخابات... والعراق ولبنان

GMT 19:14 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة مناخية ملهمة للعالم

GMT 23:17 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

ظهورُ الشيوعيّةِ في لبنان

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:59 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

"حقيبة الأبط" تتربع على عرش موضة خريف وشتاء 2018

GMT 01:19 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رشاد ومي حلمي يتفقان على إتمام حفل الزفاف

GMT 20:07 2015 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

شركة "سامسونغ" تطلق غالاكسي في بلس" في ماليزيا

GMT 15:47 2014 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

شركة Xolo تطلق هاتفها الذكي متوسط المواصفات Opus 3

GMT 18:19 2013 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

ترجمة لکتاب صید الخروف البري لهاروکي موراکامي

GMT 10:07 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

استبعاد ياسمين صبري من مسلسل ظافر العابدين

GMT 12:50 2013 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

إعادة طبع رواية "التراس" في حلة جديدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates