تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

كان المصممون والمبتكرون في خطوط الموضة والأشياء الثمينة في كل عواصمهم يجتهدون ليبدعوا شيئاً يجعل من الحياة أكثر بريقاً، وأجمل لوناً، وفي الوقت نفسه يحاربون مشوهي علاماتهم وتوقيعاتهم الثمينة، كانوا يقومون بجهد مضاعف، جهد الإبداع، وجهد الدفاع عن الإبداع التي نذرت الشركات الصينية الكثيرة نفسها في تبني تشويه الذوق العام الراقي، وحين كان يتسنى لي حضور معرض للمبتكرات والمصنوعات الجلدية أو عرض دور الأزياء أو صالون للساعات الثمينة في مدن أوروبا، كنت أرى جحافل من المصورين السريين المتنكرين في زي زوار، وكانوا يهتمون بتصوير التفاصيل الدقيقة بعدسات «تلي فوتو» مقربة، يومها العالم لم يكن ينتبه لجنود المقلدين، لأن النيات في مجملها كانت حسنة، ولما صارت نحو الضرر، عزم كبار المصممين أن يحتاطوا بالسرية، وبمراقبة الدوائر التلفزيونية، مثل الجميل على الدوام «إيف سان لوران» الذي حرّك خيوط وخطوط الحياة، وأعطى نفَساً حرّاً، وبريقاً، ودفئاً، والمتحصن المتدثر دوماً «كارل فيلد»، والكثير غيرهم من إيطاليين غير عاديين، وفرنسيين ملهمين، وبعض الإسبان والألمان والإنجليز النادرين، ودخل مؤخراً اليابانيون بحذر، نظراً لما يتمتعون به من خصوصية مرهفة تجاه ثقافتهم، وإرثهم، وما يمكن أن يتقبله العالم منهم غير الإلكترونيات، من خطوط أزيائهم المحافظة، ويتقبل ألوانهم الحارة.
اليوم تتجاذب هذه الدور، وبيوت الموضة كل جوانب الحياة ومتعها وزينتها، ليست في الثياب والحقائب والأحذية والعطور فقط، بعض من هذه الدور تصنع مقعد الحمّام، ومسكة قفل الباب، مثلما تنتج الستائر، ومفارش اليخوت، وأطقم الأكل، وحتى الخطوط الهندسية المعمارية، والكثير الذي لا يحصى، وهي بخبراتها التي تمتد لمئات السنين، كدور الساعات السويسرية العريقة، تحاول أن تتحرك في منطقة ضيقة لتضفي اللمسات والتواقيع المتقنة، والمبتكرة على الأشياء، فارضة اختياراتها كذائقة للناس، وتوجها للذوق الإنساني العام، مثلما فرض «لوي فيتون» ذائقته في تصنيع الحقائب، فغزا بها العالم، ومثلما فجّر «فيرساتشي وكينزو» الألوان، ومثلما بقي «هيرمس وبيربري» محافظين على خط واحد، لا يخرجون عن سيره، لأن زبائنهم من طبقة واحدة، وفي أعمار متقاربة، ولا أدري وهذا اجتهاد شخصي وشعور لا أقدر أن أخفيه، أن هاتين الدارين تتبعان الأرامل الثريات غير الطروبات، ومن بقي من نساء الإقطاع الأوروبي النبيل، ومحدثي النعمة من الفساد في البلدان المغلقة.
مهمة الصين هي اليوم تكسير هذه القيود، وفرض موجوداتها الرخيصة، والخالية من الحس الرفيع، وسريعة الاستهلاك، وكثيرة العطب، وتصنيعها الجماعي، هذا غير التقليد والمحاكاة البشعة والتي تكلف أصحاب العلامات الأصلية خسائر في مبيعاتهم، وخسائر في جمع شبيهات علاماتهم، فواحد مثل «كارتييه» مثلاً يبث جنوده يجمعون ما قلد من بضائعه وساعاته حول العالم، دافعاً ثمنها، ليجمعها في الساحة الباريسية قبالة محله الرئيس، ويخطف عليها بمدحلة حديدية ثقيلة، ولا يبقي على أثر منها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates