تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم - ناصر الظاهري

كان ذلك المرشد الإيطالي العجوز الذي يشبه «زوربا» في جانب من حياته، تلك الشخصية التي كان حرياً بها أن تكون إيطالية، ومن الجنوب بالذات، لا يونانية، لأن لديها ذلك الانعتاق، ولهفة الحياة، والروح المحبة للجارات السمينات، بعض المرشدين السياحيين يشبهون زوربا، تجدهم يتعاملون مع السائحات الأجنبيات مميزين في دواخلهم، ماذا تعني لأحدهم الأميركية التي تتعامل معه بقطع نقدية صغيرة من الدولار؟ بادية اهتماماً مبالغاً فيه بزوجها المرح ذاك اليوم، وكيف يصنف أحدهم العجوز الفرنسية المتصابية وعنجهيتها التي تأتي في غير وقتها وزمنها؟ تماماً مثل عطرها «شانيل 5» المؤكد حياديته على جلدها الباهت، وكيف يرى أفراد الشعب الهندي، وتعاملهم الحذر مع العملة، ومع الآخر الذي يعدّونه مشروعاً غير مخلص على الأقل، إن لم يكن نصاباً، كيف هم شعوب آسيا القصوى الذين يظل يتعامل معهم بخجل بوذي؟ لا يعرف متى يضحكون أو متى يمزحون فيما بينهم، ومتى تقف الأخلاق كحاجز ديني بينهم وبين الآخر؟ كيف يشفق على شعوب أميركا اللاتينية، لثقل فهمهم لجمله الأولى بوضوح؟ كما أنهم كثيرو التساؤل، ويتمنى لو أنه لا يدفع ثمن أخطائهم السياحية، كعدم حملهم لعملة البلد أو فكة معدنية حاضرة أو يصرون أن يشتروا بطاقة هاتفية مدفوعة مسبقاً، ذلك العجوز النابولي ظل في الرأس، كان يردد: ليته يراهم في سنوات قادمة بأعمارهم الجديدة، وليت العشاق يتذكرون أنه اختلس نظرة مواربة لهم في لحظات من الود والغبطة، تمنى أن لا تتغير ملامح الأميرة العاشقة، حينما تصبح أماً تذود عن أطفالها، والوله المدنف زوجها وقد غدا أشبه بموظف بعل، يركض وراء وقت قد يخسره، بعدما أصبح شبه عاص لامرأة اعتاد عليها، وعلى حرصها الزائد، والذي لا يعني له إلا مزيد من مسؤولية غير ضرورية، كان يقول: فقط تعالوا إلى «كابري»، وسوف تجدونني على رصيف مينائها.. أنتظر!

لعل أشد اللحظات تمر على المرشد حين يهم بوداع الفوج، وكم سيبقى منهم في رأسه، وما أكثر العابرين، منهم شخصيات لعذابات الليل، وشخصيات تلاك على موائد العائلة الباردة، وشخصيات تبث مشاغباتها وفرحها بالحياة، وتحرضك على اتباع لون الظل، آه.. لو يدري السواح كيف يغسل المرشد بدلته لتكون جاهزة صبحاً؟ وكيف يتعامل معها بحنو، وكأنه يغسل جلدته؟ وبكثير من الرأفة حين يمرر تلك القطعة الحديدية الساخنة، والتي مع الوقت تعطي لمعة غير ضرورية لذلك اللون، كيف يحلق بطريقة طقوسية؟ واضعاً عطراً محلياً بتوصية من حلاقه العجوز الذي يهرم وحده في حانوته، فقط يعمل كل ذلك ليقول للفوج الجديد بفرح، وبلغتهم: صباح الخير.. أنا مرشدكم السياحي اليوم!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates