تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة وحقيبة سفر -1-

تذكرة وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

السفر مع الكتّاب والأدباء والفنانين ممتع للغاية، ولكن عليه تبعات، وضريبة يجب أن تدفعها، وعليك كذلك أن تلتزم بقواعد تجبر نفسك عليها، أولاها تحمل ذاك المزاج المتقلب، لا تغضب إذا تأخر أحدهم بالساعات، لا تحاول أن تنتظر أحدهم أكثر من عشر دقائق، عليك أن تكون محتاطاً مالياً بمحفظة منتفخة لا تفارق جيبك، لأنه أمر عادي، ويحدث دائماً أن يخرج أحدهم وجيبه خال من المال، ويطلب الأكل والشراب الغالي، وهو «خبر خير»، طبعاً معظمهم لا يحملون بطاقات ائتمانية، وإذا كانت عنده، ستجده نسيها في الفندق، ورغم ذلك فالسفر معهم يزيدك معرفة، ويبَصرك بمتعة كانت غائبة عنك، ويزودك بتجربة حياتية مهمة، ويكسبك أصدقاء جدداً، لهم طقوسهم وحياتهم، ولهم حضورهم المميز.
لذا.. عليك خوض تجربة السفر، برفقة أدباء وكتّاب وفنانين، خاصة في مدينة استثنائية مثل باريس، بحيث تجد كل واحد يبحث عن مبتغاه، وفي ذهنه صور متخيلة عن المدينة، وروائح أمكنتها، وعن أبطال روايات، وقامات شعراء، ورسامين لونوا جدران المدينة، وغابوا تاركين ظلالهم وقصص فرحهم وشقائهم، تلك الرحلة التي ضمتنا في شتاء باريس القارس مرة، وسقوط ثلوجها المرحة والمشاغبة، كنّا سعداء بمنجز ثقافي في معرض باريس للكتاب بترجمة أدب الإمارات للفرنسية، غير أن المدينة استطاعت أن تسحب القادمين الجدد، والمترددين، وحتى المخلصين لها، ولشوارعها العامرة بالفن والثقافة وجمال العمارة، وكل ذلك الشقاء المطروح على جنبات طرقها، بعضها مختار، وبدافع الحرية المطلقة للإنسان، والمتحررة حتى من جدران المنازل، وبعضها الآخر أجبرتهم عليه الحياة، وقسوة ظروفها، تنازعت المدينة أجنحة الشعراء، وخطوات أقدام الروائيين، تقودهم الدهشة حين تتهامل مثل أسئلة جميلة لا تحبها أن تنقطع، ولا تريد أن تبحث لها عن إجابة، ويقودهم مطر الليل، ونواح «ساكسفون» وصدى لصوت «اديث بياف» تسرّبه أبواب المقاهي التي تشبه بيوت الجيران من دفئها وحميميتها، منهم من قصد «نوتردام» يبحث عن أحدبها، وينصت لذلك الجرس الخرافي الذي تحمله تلك الكنيسة في قفص صدرها، ومنهم من حاذى شارع «أميل زولا» أو ساحة «فيكتور هيجو»، متتبعاً أثر أبطال روايات وقصص طالما أشعلت ذاكرة الطفولة والقراءات المبكرة، وظلوا في قاع الذاكرة، واليوم يقومون من سحبهم الزرقاء التي كانت في الرأس، ومن أصدقاء الرحلة مَن تعنى قاصداً «ساحة مونمارتر» حيث اللون هو الطاغي، والفرشاة المبللة بتعب العرق، ورجفة الأصابع، وما يجلبه العنب معصوراً حين يسكن في قارورة مغبَرّة في حقيبة جلدية لرسام، وضع كل المدينة وتفاصيلها في تلك الحقيبة، وما زال يمشي ويبكي ويغني، هناك.. في ذلك المكان الذي تعرت أشجاره، ولمعت أحجاره القديمة ضاع الأصدقاء، وبحث كل عن لوحته المفقودة، ولونه الضائع، أصدقاء الرحلة الصعاليك ممن يعرفون أماكن التنوير في المدينة، وضجيجها الثقافي، ذهبوا للحي اللاتيني، ولَم يفوتوا عرض مسرح «أوشيت»، حيث تعرض مسرحيتا «المغنية الصلعاء» و«الدرس» منذ سبعين عاماً ويزيد، وليتلذذوا بطعام تقليدي بعد العرض المسرحي من «الفاندو» أو «الكريك»، متسكعين في ليل ذاك الحي الذي عرفه جلهم من رواية «سهيل أدريس» «الحي اللاتيني»، أما النخبويون من الأصدقاء فكان متحف «اللوفر» وبيت المثّال «رودان» ومتاحف باريس هي ملاذهم في تلك الرحلة التي مضت أيامها متسارعة دون أن ندري.. وغداً نكمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020

GMT 14:48 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"Mother of Pearl" ترفع شعار تقديم الملابس المسائية صديقة البيئة

GMT 06:14 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوي كارداشيان تظهر بإطلالة جريئة باللون الأصفر النيون

GMT 05:01 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب الوطني تحت 19 عامًا يواجه طاجيكستان في كأس آسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates