الوسم والوشم والرسم 2

الوسم والوشم والرسم -2-

الوسم والوشم والرسم -2-

 صوت الإمارات -

الوسم والوشم والرسم 2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

لا أدري هل يعي الموشوم ما كان يقصد الواشم بتلك الحروف والطلاسم والصور؟ هل الصورة مختارة بوعي أم هي صورة أعجب بها شخص، وأراد أن يوشم عضده بها، بعض المساجين كان يتخيل في وحدة سجنه، ومنع حريته، وجه فتاة لا على التعيين، ولكن يقارب ما في ذهنه، ويَشِمُ بها ذراعه، مع حرفين من اسمها، خاصة وأن الواشمين هم من السجناء قليلي الموهبة.
وقد نقل البحّارة والمستكشفون الكثير من تلك الوشوم التي شاهدوها عبر تنقلاتهم واكتشافهم لقبائل ومستوطنين بدائيين، ووثقوها ونقلوها معهم، ووصلت لشعوب أخرى، كما وجدت موميات وآثار ومخلفات لشعوب مختلفة، حفظت وشومها، ودلالاتها، رغم انقراضهم، لكن بقي شيء من أثرهم وآثارهم.
وتعد نبتة الوسمة، وكذلك النحاس، هي مصدر اللون الأزرق المخضر للوشم بعدما يتغلغل تحت جرح الجلد، ومنها جاءت الكلمة المحلية للشيلة أو الوقاية صفة «الوسمة» للسواد الذي تصبغ به، واليوم تستخدم الأحبار المختلفة عن طريق «Tattoo Gun»، ونقول في العربية: «وصمة عار على جبينه» دلالة على سوء فعلته، وهي قديمة ترجع للرومان حين كان يوشم العبد على وجهه بوشم: «أوقفني، هارب»، وقد حظر الإمبراطور «قسطنطين الأول أو قسطنطين بن هيلانه» الوشم على الوجه عام 330 ميلادي، والكلمة اللاتينية للوشم، هي «Stigma»، وتعني «وصمة العار»، ووشم الرومان جنودهم منعاً للهرب، وكذلك الإنجليز كانوا يطبعون حرف «D»، وهي علامة هارب من الجيش البريطاني من الكلمة «Deserter»، وكان البحارة يُوشَمون للاستدلال على جثثهم بعد الغرق، والوشم محرم في اليهودية والإسلام، ومباح في المسيحية، فقد كان المسيحيون حينما يحجون لبيت المقدس، ينقشون على سواعدهم صليباً، وعام الحج.
وكان الشباب و«الزكرتيه» قديماً، وقد لحقنا عليهم، كانوا يحرقون تاركين علامة مدورة أقل من الروبية على رسغ اليد من الظاهر، تسمى «داغ»، وهي لفظة فارسية وأردية، بمعنى حار جداً أو هي الكيَّة أو العلامة أو الحرق على الجلد، لأن هذه العادة ربما وردت إلينا من عندهم، وكان الشباب يفعلونها لكي لا تهتز يد الواحد منهم حين يرمي بالبندقية أو المسدس، ويصيب الهدف حتى من دون منظار أو «دوربيل أو دوربين»، وهي لفظة فارسية أيضاً، وتعني بعيد النظر، أما الوشم فلم يكن معروفاً عندنا، باستثناء بعض القادمين من البر الثاني أو بعض من الجاليات الهندية والباكستانية، وقد ظهر الوشم في الأفلام السينمائية، وعالجت السينما العالمية معظم قضاياه، خاصة المرتبطة بالشعوذة والسحر والتقمص الشيطاني، لكنها كانت ترد أُسَّ الموضوع إلى الحضارات الشرقية واعتقاداتها وما في حروف لغاتها من طلاسم لا يفهمونها، مثل العبرية والعربية والصينية والهندية أو إلى الحضارات القديمة مثل الصينية والفرعونية وبلاد حوض البحر الأبيض المتوسط، بقي أن هناك وشماً ظاهراً، ووشماً مخفياً لزيادة الغموض، وتحريك الأسطورة حول الوشم، وما يحيط به من غموض، بحيث لا يقرأ إلا بتسليط الضوء أو غسله بالماء أو خلاف تلك الأمور، وكأنه حبر سري.
بين الوسم والوشم والرسم، يبقى سؤال: هل الإنسان حرّ في جسده؟ وهل يحق له أن يفعل به ما يشاء؟ أم أن هناك ضوابط مجتمعية، ومعتقدات وثقافات جمعية تفرض نفسها على التصرف الفرداني؟ خاصة أن الوشم في الأساس التاريخي كان قراراً جمعياً، وليس فردياً

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوسم والوشم والرسم 2 الوسم والوشم والرسم 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates