تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

تذكرة.. وحقيبة سفر -2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

.. يومها.. كانت تلك الجزر في الأرخبيل الفلبيني وقبل سنوات ليست بالطوال، كل الأمور فيها غادية نحو سبحانيتها، وأناس تلك الجزر وحوافها التي تشبه صفاء اللازورد، وسكون الفجر، لم يعرفوا معنى السلاح المدفوع ثمنه، وثمن جريرته التي تودي بالأبرياء، وتغتال لحظات فرحهم، كانوا مثل فلاحين نبلاء، لا عشق لهم إلا الأرض، والخير الذي فيها.
كانت صفحة وجه ذلك النهر الذي استقبلنا ماؤه، بعد أن ودّعنا مالح البحر، وكأنها جزء من بساط الغابة الخضراء المبتلة، والتي إن استقبلت المطر فرحت، وإن غازلها النهر بطمي تعبه، وجريانه الذي يحاذي الأشجار، ولا يؤلمها، فرحت، وإن ترنح قارب يتبع موجه الدافع، وغنى من عليه بأغانٍ فيها شجن الوداع، وسجن الحزن، أعانه على سفره النهري، وعلى وجع صاحبه المجدف، وفرحت، فالنهر يخزّن حنيناً، وكأنه بمثابة خال يحبه الجميع أو جد يعرف بيوت القرية بيتاً وباباً، وكأن أمنية كل نهر الأبدية لو قدر أن يطرق كل الأبواب الصغيرة المطلّة عليه، ليودعها سر إشراقة صباحه أو هدوء إغماضة الغروب، ويمضي وحيداً سارداً حكايته المائية التي لا تنتهي.
في تلك الرحلة كانت «ماريا رودريغو» أكثرنا حيوية وفرحاً، خاصة حين احتفلنا بعيد ميلادها على يابسة جزيرة في مطعم لم يعرف اللحوم قط، كانت هديتي لها مميزة، وغير تقليدية من طالب جامعي لا يعتمد على مصروف من والديه، ما جعل رفقاء السفر يرشحوننا كثنائي قابل للتطور والانشطار، في تلك الرحلة النهرية كانت زقزقات صبايا، وطيور ترافق المركب الخشبي، ووجوه وأجساد نسائية جاءت لتسرق شيئاً من الشمس، ومن ضوء أشعتها، وشباب في أعمار يمكنهم أن يمروا على ثلاثة صحون، ويقولون: هل من مزيد! وشاب كان يعجب ببيوت البسطاء، ورزقهم البسيط الحلال الذي تباركه السماء من بعيد، وتلك البساطة الآسرَة التي تمده بمتعة التأمل، وإعادة قراءة الأشياء، وأول كاميرا احترافية يقتنيها وتتراقص بين يديه غير المرتجفتين حينها، كان اليوم بطوله لهواً، وضحكاً، ووقوفاً عند بيوت، كأنها كانت منسية لرزق النهر، وذلك المشاع منذ بداية حياة الإنسان الأول، نتوقف آكلين، شاربين، متبضعين لحاجات تقليدية كان يصنعها الأهالي ويختطفها السياح بدولارات لا يعرفها القرويون، وودهم لو أنهم قايضوا بها بضائع ذات نفع لهم.
تهادى بِنَا المركب ستة أيام، توقفنا عند شلالات متساقطة من بين أحجار، كأنها لجبل أو وادٍ سحيق، قادتنا طرق الغابات الموحشة من سكونها إلى أشجار قديمة تشبه آلهة القبيلة، سرنا لبيوت أُسر ما زالت صحونهم أوراق الشجر ومعالق الخشب، وتتردد بود نحو وجوه غريبة بعضها لا تشبهها، لكنّ البسمة كانت سفيرة القلوب، وأن المرشدين السياحيين نازعو فتيل أي اشتعال حين تتعثر اللغة، ويظن بالآخر، ويتحول الإنسان المهادن لنمر غاب.
كانت تلك الرحلة من أجمل الرحلات الشبابية التي لا تكلفك ثمن مبيت ثلاثة أيام في فندق فاخر، لذا اصطنعت حكمة من السفر أنّه رشد وإرشاد وترشيد، كلها تغيب عنا في سفرنا العربي، لما عنّت عليّ «ماريا رودريغو» من «تايبيه» ذات العرق البرتغالي المندس، لأنها أصبحت قبل أشهر جدة، ولا أريد أن أرى صورتها اليوم، تكفيني ما كانت بالأمس، وصورة الأمس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 19:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013

GMT 07:41 2013 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

بدء المرحلة الثانية من مساكن "وادي كركر"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates