كلهم يتمنون فهم «حتى»

كلهم يتمنون فهم «حتى»!

كلهم يتمنون فهم «حتى»!

 صوت الإمارات -

كلهم يتمنون فهم «حتى»

بقلم - ناصر الظاهري

من الفئات الصحفية المهضوم حقها، رغم أن كثير العبء يقع على عاتقها، وهي الملومة دائماً، لكنهم أقل المهنيين ممن يحظون بالشكر، والالتفات إلى جليل أعمالهم، حتى أنهم لا يحظون بعضوية نقابات وجمعيات الصحفيين، لكن لولاهم لما خرجت صحيفة أو مجلة أو كتاب بشكل سليم ودقيق، وخالٍ من الأخطاء المطبعية واللغوية، هذه الفئة هي فئة المصححين الذين بالتأكيد يطربون للعبارة الرصينة، القديمة، ويناشون سُكراً حين تظهر كلمات مثل: ما برح وما فتئ ولا مندوحة، ويفرّون من المفردة الحداثية فرار الحُمر المستنفرة التي فرّت من قسورة، ولهم الحق في ذلك أحياناً، لأن هناك شاعراً لم يزل في طور النمو، ولم يتبرعم بعد، ولم يشعر بعد، يخرج لهم بعنوان ديوان شَعَر، وليس بـ«شِعْر» «فرو الجُعل الذي نما فجأة»، فلا يجدون لذلك العنوان، والديوان محل إعراب.

فئة المصححين هم وحدهم من يتحملون أخطاء الكتّاب والصحفيين، وسهوهم، وغفلتهم، وحتى خبثهم، لكن إن ظهر خطأ واحد، نسي المسؤولون جمال كل الصحيفة والمجلة، وقلبوا لهم ظهر المجن، لأن الخطأ في المطبوع، خاصة اليومي، أمر لا يُغتفر، لذا هم أكثر حرصاً وتوجساً ورهبة أن يمر الماء خلال أصابعهم، وهم فئة طيبة لسببين: الأول أمانتهم القصوى، لأن بإمكانهم أن يمرروا الأخطاء القاتلة، فتتداعى أجساد الصحيفة ومدامكها الكبار، لكنهم لا يفعلون، والثاني أن خبث بعض الكتاب يمر عليهم دون أن يدروا، حينما يتعمد كبار الكتاب تمرير رسالته وسط حشد من الأخطاء التي لا يقع فيها كاتب مبتدئ، ليشغلوا المصحح عن الانتباه لفحوى المقالة، وينشغل بتصحيح الأخطاء اللغوية والنحوية، وقد كنت في بداية نشر قصصي في الصحف، أن نشرت قصة «العرصة»، وهي كلمة عربية صحيحة، فصيحة، وكان البطل فيها المكان، وكنت أتحدث عن عرصة العين وما يدب فيها من حركة ونشاط وتبادل تجاري بأنواعه، فقام المصحح، وأظنها امرأة حينها، وغيرت عنوان قصتي إلى «زلابيا»، وعذرها أنها «كلمة مش منيحة عندنا بالشام»، ومرة كتبت مقالة تتحدث عن محاولة سرقة قبر الرسول الكريم، وهي حادثة تاريخية، حدثت قبل ستمائة سنة ويزيد، والفاعلان تنكرا بلباس ولهجة سكان أحد البلدان العربية، فغيروا في المقالة والسبب «أنها تسيء إلى مواطني دولة عربية شقيقة»، هذه بعض «فناتك» المصححين، لكنهم كثيراً ما حموا ظهري، وصححوا خطئي، ونبهوني على سهوي، وقد تحملوني قرابة ثلاثة وثلاثين عاماً من العمل الصحفي، لذا هم أقرب إلى القلب، نظراً للتعامل اليومي معهم، لكن حين يخطئ المصحح، فمن يصحح له؟ أذكر أننا نتعاون عليه كلنا جميعاً، فيطلب منا استراحة محارب خمس دقائق ليعود وهو متأبطاً «كتاب العين» وكتاب «القاموس المحيط» وكتاب «لسان العرب»، وكتاب «المختار»، فنغلبه لأن تصحيح خطئه لم تورده تلك القواميس، إنما هي السليقة، وطبيعة لسان البدوي الفصيحة، والقياس بالقياس.. 

لكل المصححين في الصحف والمجلات العربية كل التقدير والود والاحترام والشكر من قبل ومن بعد، فما زالوا هم الطيبين وهم المحافظين على جمال لغتنا العربية.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلهم يتمنون فهم «حتى» كلهم يتمنون فهم «حتى»



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 11:57 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 01:57 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

انشغالات متنوعة التي ستثمر لاحقًا دعمًا وانفراجًا

GMT 01:57 2015 السبت ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانة مي كساب تصوّر مسلسل "مفروسة أوي"

GMT 01:19 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

استعد لتسجيل أغاني قديمة وحديثة لألبومي الجديد

GMT 11:27 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

جرأة وروعة الألوان في تصميم وحدات سكنية عصرية

GMT 22:04 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

جزيرة مالطا درة متلألئة في البحر المتوسط

GMT 21:59 2013 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نشطاء على الفيس بوك يقيمون يومًا ترفيهيًا للأطفال الأيتام

GMT 09:20 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

متفرقات الأحد

GMT 18:47 2013 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الصين تعرض تصدير 3200 ميغاواط من الكهرباء لباكستان

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة ترصد أهم خمسة أشياء تؤلم الرجل في علاقته مع شريكته

GMT 21:22 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل زيدان "في مهب الريح" للمرة الأولى

GMT 18:49 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

28 موديلا مختلفا لقصات الجيبات

GMT 04:49 2020 السبت ,18 إبريل / نيسان

تسريحات رفع ناعمة للشعر الطويل للعروس

GMT 03:10 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مي عمر تنضم لمسلسل محمد رمضان "البرنس" رمضان المقبل

GMT 02:53 2019 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

إطلاق مجموعة "لاكي موف"من دار "ميسيكا" باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates