في البحث عن الصفاء

في البحث عن الصفاء

في البحث عن الصفاء

 صوت الإمارات -

في البحث عن الصفاء

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

يضيع الحق ولا يضيع المعروف، يكثر الظلم، ولا ينعدم الإحسان بين الناس، تلك السنن والنواميس منذ قديم الأزل، هناك أمور قد يتقبلها الإنسان ولا يقبلها، قد يحتملها ولا يحملها، قد يصبر على الأذى، لكن لا يصبر على أن ينحبس الخير عن الناس وبين الناس، لذا يتنسك العبّاد، ويصوم التوابون، ويزهد المؤمنون من أجل أن لا تختل الموازين في الحياة، لذا حريّ بالإنسان كلما تقدمت به الحياة خطوات إلى الأمام أن يتصف بالهدوء، ويتميّز بالحكمة، ويبعد عن الشطط، ويترفع عن الظلم، ويتصالح من النفس، ويقلّم كثيراً من حدة أظافره وطباعه، فلا يتوحش بقدر ما يتحضر، تلك هي الحكمة التي يفرضها العمر، وترسخها التجارب، غير أن الملاحظ على الكثير منا أنه كلما أمعنا التوغل في الحياة، وأخذتنا نحو شطآنها المتباعدة،  ازددنا شراسة نحو أنفسنا، وضراوة تجاه الآخرين، ولا ندري أهي الحياة، وطبيعة الوقت ما يزرع هذا فينا، أم أننا تحت وطأة وقع الحياة المادية التي تعجن القيم في طريقها، وتظهر وجهنا البشع أمام الآخرين؟ سؤال للنفس ومن أجل النفس، ماذا تريد هذه الشفافة من الإنسان البسيط غير ظل بارد، وماء، وبناء يستر، ويجنبك الحاجة، بعدها تتساوى الأمور، فلا طعم للأشياء إن كانت هناك مرارة من حمى، ولا لذة للأشياء ولا لون إن كانت عافية الجسد معتلة، وقطرة ماء بارد في صحراء العطش تساوي وزنها برميلاً مما يعدون ويحسبون ويكنزون.. فقط أتفكر في بعض الوجوه التي مرت من هنا، كيف كانت تقطر طيبة قبل سنوات، وكيف هي الآن؟ كيف صبرت على الأذى سنوات، وها هي تمجّه مرة واحدة؟! لم نبدل من حالنا، ولا تغيرت أحوالنا، فالذي نلقاه بالناس، ونستبشر به، ما زال هو، والبسمة تسبقنا وتسبق كرم اليد، هل كان علينا أن نتبدل مع المتحولين، ونتغير مع المتلونين، فلا ثبات في الحياة، ولو كان ثباتاً على الحق، وقيم الخير والجمال والعدل!
لمَ تلك الوجوه، التي مرت من هنا، لم تصطبغ بالصحة ومعاني الإنسانية النبيلة أو أخذت شيئاً جميلاً من هنا، لمَ علينا دائماً دفع ضريبة من يمكث هنا، ومن مر من هنا، ومن عاش هنا، وكأننا نصحح أبداً مسيرة الإنسان، وطبعه المختل، لنحافظ على توازننا، وعلى حياتنا التي نبتغي بعيداً عن الشرور والأذى، وأقرب لفعل الخير؟!
مرات كثيرة تقول: كانت العرب قديماً لا تأتي ذاك الفعل الذي ينقص من الشرف، ويثلم المروءة، لا هيبة ولا جسارة ولا جبناً، ولكن مخافة أن يتفشى الأذى، وقلة المعروف بين الناس، ويصبرون على الضر من أجل قيمة في المجتمع، فلا تختل معاني القدوة الحسنة، وقيم الحق الكبيرة، لكن عرب اليوم تجدهم -إلا من رحم ربي- يمارون ويتبارون في ضياع المعروف بين الناس، ويجاهرون بملاقاة الخير بالشر، وكأنهم يفرحون حين يجعلون من وجه الحياة قبيحاً، ويهللون حين يكثر فيها الأذى، قليلون من يقبضون على قيم الحق والخير والجمال، بحثاً عن الصفاء، لأنه مورد كل خير، وكل معروف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في البحث عن الصفاء في البحث عن الصفاء



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 11:31 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 21:36 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 16:17 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

خطوات تنظيف "خشب المطبخ" من الدهونوالأتربة

GMT 15:54 2015 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 4 ألوان يمكن أن ترتديها في مكان العمل

GMT 14:13 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة البطل محمد سعد بعد تمثيل مصر في المسابقات الدولية

GMT 08:00 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

وثائق ويكيليكس وأسرار الربيع العربي

GMT 16:20 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"أبوظبي للسياحة" تطلق معرض "أبعاد مضيئة"

GMT 13:20 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هطولا للأمطار الرعدية فى السعودية الجمعة

GMT 18:49 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

لوحات ضوئية عكست حالات إنسانية ووجدانية في معرض أبو رمانة

GMT 01:53 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

Falcon Films تقدم فيلم "بالغلط" من بطولة زياد برجي

GMT 14:42 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تشيلسي كلينتون تتألق في معطف أنيق باللون الأسود

GMT 00:17 2022 الخميس ,15 أيلول / سبتمبر

إيران... لا خطة «ب»

GMT 09:44 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates