كوفيد وجهل التهويد

كوفيد وجهل التهويد

كوفيد وجهل التهويد

 صوت الإمارات -

كوفيد وجهل التهويد

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

رغم أن «كوفيد- 19»، هذا الطهف الذي هبّ على الناس، وهدد صحتهم وطرق معيشتهم وأدخلهم في بيات شتوي وصيفي، وربما شتوي جديد، وعطّل أعمالهم وأفلسهم، لكنه في المقام الأول كان مهدداً صحياً وحياتياً لوجودهم، وهذا له اختصاصيوه من أهل الطب والعلم، والمتمرسون في أعمال الصيدلة، وتركيب الأدوية، والمثابرة في المختبرات، إلا أن بعض رجال الدين في كل مكان، ومن كل نحلة وملة، تعاملوا معه وكأنه من صلب اختصاصهم، وغير بعيد عن فتاواهم التي يصبغونها بدياناتهم، والتي تخدع الناس البسطاء، ولا تقدم لهم إلا الوهم، ومزيداً من التعقيدات الصحية، والضغوط على المؤسسات التي تدير الأزمة، ولو كان الأمر يخص أمور المساجد والكنائس والمعابد والبيع لما سمح بعضهم للأطباء ورجال الاقتصاد بأن يتدخلوا أو حتى يدلوا بدلوهم في الموضوع، ولو من باب التفاعل والمشاركة لا التدخل، لكن بعض رجالات الدين من كل الطوائف وجدناهم منغمسين في أدق تفاصيل العلاج، وطرق الوعي والإرشاد معتقدين أنهم يصنعون حسناً، وهم من زاد الطين بِلة.
في البداية تعامل هؤلاء المتزيّون بلباس الدين مع «كورونا» على أنه وباء وابتلاء من رب العالمين لعباده العصاة والجاحدين، ولا حلّ لزوالها من حياتهم إلا بالعودة إلى الدين والتدين، ولم يختلف هنا المسيحي عن اليهودي عن المسلم عن البوذي والهندوسي، وحتى تلك الديانات التي تستوطن أماكن بعيدة في الغاب أو أعالي الجبال، وكأنهم قرؤوا على يد معلم واحد، لكن مع استفحال المرض، وتحوله إلى جائحة عالمية أربكت كل الدنيا وعطلت كل المصالح، تغير الخطاب الديني، وبدأ شيوخ وحاخامات وخوريون وقسس وشيوخ طرق ورجالات الدين التلفزيونيون باقتراح الحلول «الطبية» الترقيعية، والمعتمدة على ما في الطبيعة، والتي لم يبذلوا فيها جهد العابد الساهر، ولا الصائم القائم، ولا المتنسك الدائم، وكلها عبارة عن خَلّ وليمون ورأس بصل، وحبة البركة، ولحسة عسل، وفص ثوم، وغرغرة بالملح، وملعقة زيت زيتون، وهو طريق معروف وقديم لا يؤدي بك إلا إلى دكان العطّارين أو بائعي الأعشاب والوهم، وحين لم تنفع وصفاتهم غير الطبية، وزادت من الحالات في صفوف مناصريهم، خرجوا ببدعة جديدة، خاصة بعد تضرر مصالحهم التجارية، فرموا العلاج في ظهر الغيب، ورأوا أن التبرك بمقام أو زيارة ولي أو تقديم النذور عند معبد أو التصدق بمال عند قبر أو أخذ كتاب أو حرز أو زجاجة قرأ فيها وعليها الشيخ المبجل سيبعد عن الناس الوباء، وينجيهم من الكرب، ويحوطهم عن «كورونا»، ويذهب بأس «كوفيد»، فتدافع الناس البسطاء والجهلاء إلى حيث أمرهم بعض رجالات دينهم ومللهم ونحلهم، ضاربين عرض الحائط بإجراءات السلامة، وتحذيرات رجالات الطب والصحة، ومن يدير الأزمة بكل تفاصيلها وتداعياتها، لكن الحالات في واقع اليوم في تصاعد رهيب، وأول الضحايا رجالات الدين حتى اضطرت الدول لإغلاق دور العبادات، وهنا كانت الكارثة، فدخلوا على خط جديد في معاداة الدول وأنظمتها، ولن أتطرق للوسائل العجيبة الغريبة التي اقترحها رجالات الدين «الأطباء» والتي تخجل من جهلها، الذي يقول: عطسة من «مولانا» تشفي، والذي يقول: تَفّة من فم شيخنا تبرئ، والذي يقول: قطنة تسد وتعجل الشفاء أو ذاك الشيخ الذي لا يعرف يلفظ كلمة «كورونا»، ويقترح علاجها بأساليبه الفقهية، وهناك الذي ما زال يعتقد أن «كوفيد جاء بفعل من التهويد»، من أجل عقم الرجال للسيطرة على العالم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كوفيد وجهل التهويد كوفيد وجهل التهويد



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 11:31 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 21:36 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 16:17 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

خطوات تنظيف "خشب المطبخ" من الدهونوالأتربة

GMT 15:54 2015 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 4 ألوان يمكن أن ترتديها في مكان العمل

GMT 14:13 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة البطل محمد سعد بعد تمثيل مصر في المسابقات الدولية

GMT 08:00 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

وثائق ويكيليكس وأسرار الربيع العربي

GMT 16:20 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"أبوظبي للسياحة" تطلق معرض "أبعاد مضيئة"

GMT 13:20 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هطولا للأمطار الرعدية فى السعودية الجمعة

GMT 18:49 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

لوحات ضوئية عكست حالات إنسانية ووجدانية في معرض أبو رمانة

GMT 01:53 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

Falcon Films تقدم فيلم "بالغلط" من بطولة زياد برجي

GMT 14:42 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تشيلسي كلينتون تتألق في معطف أنيق باللون الأسود

GMT 00:17 2022 الخميس ,15 أيلول / سبتمبر

إيران... لا خطة «ب»

GMT 09:44 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates