تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

تذكرة.. وحقيبة سفر -2

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم : ناصر الظاهري

لا يمكنك أن تدخل الأندلس ولا تسحبك الأماكن إلى ماضيها الجميل، فلا تستطيع أن تفلت من التاريخ، تاركة لك مساحة للبكاء إنْ شئت أن تبكي، مساحة للوجد، إنْ كنت تشاطرها النوى، فارشة لك سجادة نسجت من غزل عدوتين تحرسان ذلك الحوض البحري المتوسط، حين التقى الشرق بالغرب مرة، مكونين ذاك الجمال الدافئ، المكحل، استوقفني في نهار قرطبة ذلك الخطاط من بقية نسل الموروسكيين الذي كان يخط عند جامعها بلغة كانت لأجداده الأوائل، واليوم هي غريبة، مثلما هو غريب، كروح تائهة ضلت في الملكوت، ونسيت التسابيح من وهج نور المسرات.
تترك قرطبة وشيء منها يعلق بك، وتقول: ربما أنسى، وأخرج من زفرات العربي، وتحسراته على ملك مُضاع لم يحافظوا عليه كالرجال، فإذا بجسر التنهدات، وقنطرة الحسرات، وذاك المفتاح الأخير لبوابة غرناطة الذي بقي كوشم في يد «فرناندو وإيزابيلا»، كلها تجثو على صدرك، مستدعية الاستسلام والتسليم، وتلك المهانة التي ستتبع بقايا المسلمين نحو أصقاع القارات المتفرقة، فإذا بغرناطة أكثر وجعاً، وأسخن دمعاً، وأن الذي جرى فيها لن تمحوه الأيام، فما زال إسبان اليوم يستحضرونه في أعياد النصر، وحرائق الانهزام الأندلسي، والتمثيل لإحياء ذكرى التطهير والتحرير، تطهير الأرض، وتحرير الإنسان من حضارة مكثت قرابة ثمانية قرون، غيرت كل شيء، وبنت كل شيء، وتعاملت مع كل شيء، وزانت كل شيء.

من غرناطة لأشبيليه، ومنها لملقا، وقبل أن تختم تلك الرحلة ببلنسيا تقول لنفسك: ليتها تطهرت تلك النفس، وليتني تعافيت من جثو التاريخ، لكن هيهات والقصائد والمراثي تتعاقب وراءك، ودبيك الخيول المطهمة بالفتح وسيل الانتصارات، الأحبار التي سطّرت الكتب والقرطاس ونور المعارف، تلك الإشارات الإلهية التي شعّت في الأرجاء، تاركة في كل ركنّ شيئاً من الحب والرفق، وكثيراً من التسامح، وما تفعله الحضارات حين تأتي ركبانها بأثقال الأسفار، وأنوار الحكمة، وطروس من وحي الرسالات.

تريد أن تترك الأندلس، حاملاً عبقها في حقائب سفرك، وأثر حُسنها في عينك، غير أن ذاك الصوت الغجري المبحوح بالتبغ وصدى السهوب، يرجعك حين يسري نغم «الفلامنكو» في ليل الطرقات، فرح الأقدام المتلاحق زهواً، وهو يجاوب ويتجاوب مع الأرض إيقاعاً، باعثاً نشوة في الجسد، وصهيلاً في الرأس، أي أنثى قد تعادل الأندلسية حين يغمرها المطر أو حين ترسل شيئاً منها لعينيك جاعلة كل شيء يتداعى في رأسك، ولا تنوي المسير إلى منها إليها، تلك الأندلس.. وما تفعل في النفس من قبل، ومن بعد!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 19:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 21:09 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

"داميان هيندز" يطالب بتعليم الأطفال المهارات الرقمية

GMT 11:11 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حسن يوسف سعيد بالاشتراك في مسلسل "بالحب هنعدي"

GMT 03:01 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حسين فهمي ووفاء عامر يستكملان "السر" لمدة أسبوع

GMT 16:07 2013 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم النينجا المكان الوحيد الذي تخدمك فيه النينجا

GMT 20:43 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تقدم الدعم الفني لجيبوتى لتأسيس أول معهد للفنون الشعبية

GMT 00:02 2020 الخميس ,21 أيار / مايو

ميسي ينعى فيلانوفا في ذكرى رحيله

GMT 04:12 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد تناول كوب نعناع في اليوم

GMT 18:59 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

سجون تحولت إلى فنادق فاخرة كانت تضمّ أخطر المجرمين في العالم

GMT 00:57 2019 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

روستوف أون دون مدينة السحر والجمال و تقع في جنوب روسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates