تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر (1)

تذكرة.. وحقيبة سفر (1)

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

بقلم - ناصر الظاهري

بمناسبة احتفال توزيع جائزة الصحافة العربية في دبي بالأمس، تذكرت حادثة جرت قبل سنوات، يومها إما كنت على سفر أو قادما من سفر، ما أدري أنني لا أملك غير ذاك الثوب الأبيض الرسمي الذي على جنبي لحضور حفل توزيع الجائزة، وما في الحقيبة التي تستقر في غرفتي إلا ملابس «كاجوال شغل هتليه»، يمكن أن تكون مناسبة جداً لو لبستها في سفرة إلى المكسيك مثلاً، وبدلات بائسة لامعة مقلدة على علامات تجارية مشهورة، لا تشي بغير سعرها الزهيد، ولا تصلح لهيبة المكان، كنا ننتظر قدوم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، فجلسنا نحن أعضاء مجلس إدارة الجائزة في ركن قصي نتحادث، و«نكزّر» الوقت، فأصر المدخنون منا - وهم كثر- أن يحتسوا قهوة، ويولعوا «كم صلب» سيجارة، فما زال هناك قرابة الساعة على مقدم سموه، فجاريتهم في طلبهم، رغم أني لا صاحب قهوة وهيف، ولا صاحب كحة وكيف.

بادر بخدمتنا شاب لطيف، ظريف، غير أنه في خدمته غير حرّيف، هكذا كان الانطباع الأول عنه، فعمره لا يوحي بأنه تدرب كثيراً، وشكله لا ينم عن ثقة بأنه يعرف حتى الفندق، أخذ الطلبات على عماها، وانصرف، واستعجله المدخنون، لأن صلب السيجارة لا يجوز دون قهوة كحلاء أو سوداء، تركية أو أميركية، وانبريت أنا بطلب كنت أعده تحيزاً للثقافة الفرنسية، «كافيه لاتيه.. لي نوازيت»، فطالعوني بعيون مبغضة، وقالوا: خل الدلع هناك، ترا ما عندنا وقت، ولا شيء سيؤخرنا، ويؤخر علينا قهوتنا إلا «لي نوازيت مالك»!

غاب النادل دقائق، وإذا به يطل من بعيد فلمحته، وجاءت عيني في عينه، وتوجست منه خيفة، وهو طبع في الإنسان المتوجس الذي «يحاتي»، فجاء مباشرة إليّ، معتقداً أن نظرتي له من بعيد، تعني إلحاحي ولهفتي على فنجان القهوة، فتقدم بيد مرتجفة، وعدم ثقة في النفس واضحة، أرجعتها إلى أنه ربما جديد هنا، وربما الحرفة، فأصابعه توحي بأنه درس كمبيوتر في بلده، ولكن ضيق ذات اليد أتت به هنا ليعمل نادلاً أو ربما أنه من النوع الخجول، ويلازم الإنترنت أكثر من الأشخاص الحقيقيين، وربما أنه يتهيب لقاء أناس بدوا في ذاك الوقت أنهم مهمون، ولهم بعض الهيبة، خاصة أن معظمهم كان يضع ظاهر كفه تحت ذقنه، ويومي بهزات من رأسه.

تقدم الشاب نحوي، فطلبت منه أن يقدم القهوة أولاً إلى رئيسنا خلفان الرومي، رحمه الله، فهو أكبرنا سناً وقدراً، ومن ثم «النائب» محمد جاسم الصقر، والأخوة كلهم أكثر مني مقاماً، وأنا أطولهم مقالاً، فارتبك، وظل «يشالي» من هنا وهناك، وبين قهوة معالي الوزير التركية، وقهوة غسان طهبوب الأميركية، وشاي محمد يوسف «السنكين»، رقصت تلك الصينية المعدنية اللامعة حتى استقرت على كتفي، فزّيت متجنباً السخونة، ولكن ثيابي البيضاء، أصبحت خريطة أفريقيا.. ونكمل

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 06:02 2019 السبت ,16 شباط / فبراير

أميركية ينمو في رأسها قرن عاشت به لمدة عام

GMT 12:07 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

"Pixel 3" قفزة في تطوير صناعة الهواتف

GMT 08:39 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

كتاب جديد عن الرواية المصورة التي ظهرت في السبعينات

GMT 18:00 2013 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

توقيع رواية "باب الليل" للروائي وحيد الطويلة

GMT 18:30 2013 الأحد ,23 حزيران / يونيو

اصدار رواية"امرأة غير قابلة للكسر" لمحمد رفعت

GMT 21:39 2014 السبت ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إتهام جامعة هارفرد العريقة في التمييز العنصري بها

GMT 10:04 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

افتتاح معرض الصُّور النَّادرة "الأقصر في 100 عام"

GMT 17:56 2015 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة مروة جمال تطلق أغنيتها الجديدة "مفيش مستحيل"

GMT 07:53 2013 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

معرض للرسام الاميركي أندي وورهول في بلجيكا عن الموت والحياة

GMT 18:38 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

بلدية دبي تؤكد حرصها على دعم ذوي متلازمة داون

GMT 11:43 2013 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

جحيم السجون السورية في "عربة الذل"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates