بقلم : ناصر الظاهري
* هناك أشياء تستعصي على الفهم، ولا تقدر أن تجد لها مبرراً أو مسوغاً في الحياة، ويمكن أن نغادر الحياة، ولم نقدر أن نقبض على أجوبة لها، كأن تأكل القطة أحد أبنائها، مستبعداً ذلك الحب القاسي أو القاتل، فالتعبير عن الحب لا يستلزم الدم ولا القرابين،
لذا ظل هذا السؤال يؤرقني هل تختار القطة ابنها أو ابنتها فريستها؟ وكيف يمكن لبقية الإخوان أن ينظروا لأمهم طوال حياتهم، وكيف لها أن لا تستطيع أن تقسم عطفها وحبها على الأبناء جميعاً، من دون أن تغيب ظنينها في بطنها؟ ولم هي أشد شراسة وعدوانية إذا ما اقترب غريب نحو أبنائها؟
* أمر أضحية عيد الأضحى أو «الحولي» في المغرب عجيب، غريب، وكأن الأضحية أكثر شيء مقدس في الدين، رغم أنها سنة وليست فرضاً، ومرة في العمر، لكنك تجد الفقير يقتل نفسه ويجاهد ويجالد لكي يضحي بخروف، وهو أحوج للتبرع والإحسان إليه، وأولاده أكثر حاجة، وهم الأولى بلحم تلك الأضحية، لذا يمكن للمغربي أن يتسلف من أجل الأضحية، ومن أجل أن يعرف الناس أنه ضحى هذا العيد، وغير المضحي تجده حزيناً مبتئساً، تريد أن تفهم فيستعصي عليك الفهم، ويزيد من دهشتك أن البنوك تعرض على المغربي أضحية بالأقساط، وأضحية بفوائد بنكية، وأضحية كجوائز تشجيعية، حتى أن بعض المحال الكبرى تغري الشرّائين بجوائز فاخرة مثل: ثلاجة وأجهزة تدفئة وتذكرة سفر مع إقامة لشخصين وأضحية، الغريب أن أضحية المغربي يظل يدللها لأسبوع ويطعمها ويداريها، وحين يقصبها بنفسه، لا يضيع منها لا لحمة ولا شحمة ولا فوارغ ولا عظماً وحتى الجلدة يصنع منها «الهيدورا» أو الجاعد، وقلما يطعم منها الآخرين!
* لا أعرف لم يستعمل الناس أشياء في غير محلها، رغم أنها لم تصنع من أجل تلك الغاية؟ كأن ترى أحدهم يحك جوف أذنه بـ «سويتش» أو مفتاح السيارة، ولا أدري ماذا سيصنع أولئك الأشاوس الذين يشعرونك أن طبلة أذنهم من المطاط السميك أو ليس لهم طبلة أصلاً، خاصة بعدما صارت شركات السيارات تصنع لك مفتاح التشغيل عبارة عن بطاقة أو باللمس أو بالتشغيل عن بعد، بس لا تخافون على الحكّاكين سيستعملون الـ «سويتش السبير» أو الاحتياط!
* مشهد المدخنين في تلك الغرفة الزجاجية الضيقة والمنعزلة في جوانب معتمة من مطارات العالم، والتي تشبه بيوت فئران التجارب تجعلك تتوقف، وتسأل لم هؤلاء ضد كل هذا العالم أو لم العالم بكبره ضد هؤلاء القلة؟ اليوم.. المدخنون يشعرك منظرهم باليتم، وأنهم يستحقون واجب الزكاة!