تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

للمدن وجوه لا يمكن أن تتغير سحنتها، ولو حاولت أن تتغير من الخارج، ودخلت في المدنية الحديثة، وغلبت عليها العصرنة، وغدت من زمرة المدن الاستهلاكية، وطبعت بطابع المراكز التجارية الكبيرة، ومطاعم الأكلات السريعة، والمقاهي الأميركية ذات القهوة الموحدة بلا طعم يميزها، عَمّان واحدة من تلك المدن، فهي بالتأكيد لا تنثر بسمتها في طريقك، والتجهم البادي على الوجوه يمكن أن يرافقك طوال ممشاك في الشوارع، والتدخين الكثيف في كل الأمكنة، وغلاء مبالغ فيه في ظل غياب الخدمة والامتيازات لما تدفع، غير أنها لها صفات جميلة في داخلها، منها الأصدقاء الكثر فيها، النظافة العامة في مدينة شبه مكتظة، وأنك إن حللت ضيفاً على أحد أهلها الكرام، فلن يتركوك جيرانه دون أن تمر عليهم جميعاً، أحدهم يحلف بأغلظ الأيمان، وآخر يحلف بالطلاق من أم عماد، والآخر يضع بينك وبينه حق عرب.
عَمّان من أول المدن العربية التي زرتها قبل ثلاثة وأربعين عاماً، وزرتها مراراً وتكراراً، غير أنها ليست مثل تلك الزيارة الأولى التي كانت الدهشة تسبق كل الأشياء فيها، وذلك الفرح الذي يسيّرك بالتعرف على الأردن بتلك الجملة التي كنا نحفظها من مدرسي الجغرافيا: «اعرف وطنك أيها العربي»، لقد تغيرت عَمّان في العقود الأربعة، لكن سيماء الصرامة والجهامة والقتامة والجلافة بقيت تغلف الأشياء فيها، وأن الناس فيها يهرمون بسرعة، دونما سبب.
قبل سنوات ليست بالبعيدة.. كنت مشاركاً في ملتقى ثقافي تقيمه أمانة عمّان الكبرى، يومها التقيت بوجوه قصاصين وروائيين وكتّاب طال الأمد بغيابها، وباعدت السنون بيني وبينها، بعضها ضاع في دروب الحياة والهجرات الاختيارية أو المنافي الإجبارية، بعضها الآخر أنهكته هزائم المبادئ والسلوك السياسي في الخارج، وهزائم الذات في الداخل، بعضها يبعدني عنها عقدان من الزمان، يوم ما كنت رأيتهم حينما كانت بغداد عامرة، كانوا لا يزالون بعافيتهم، وبالقوة التي تمنحها السلطة للإنسان لحين من الدهر، وما قد تفعله البروتينات والوجبات ذات الصبغة العسكرية والمجانية في مد الجسد بصحة لا تخفى على أحد، كانوا في وقتها مخلصين لحالة العمر، وما يتطلبه من ملابس أيديولوجية نمطية تفصل عند «ترزي» الحزب أو ملابس مموهة فرضتها تداعيات الحروب أوملابس زاهية، وشعر منسدل طويل، وسوالف كثة، وأحياناً ذاك «السيجار الكوهيبي» المخبأ للمؤتمرات، والسهرات، وحين يتطلب الموقف شيئاً من الهيبة المزيفة، وجوه أخرى أتذكرها منذ كانت عمّان تحتفي بالأصدقاء ولا تريد أن تودعهم، وجوه من صنعاء وعدن حين كان الريال يفعل فعله في السوق، ويُغني اليمني عن فقره التاريخي، وحينما كانت اليمن تضم كل الخوارج العرب، وجوه من الشام حينما كانت دمشق زاهرة، وكان الياسمين يضمد جروح الشهداء المنذورين للتحليق مع طيور أجنحتها خضراء، وغناؤها سماوي، وجوه من مصر حينما كانت مصر ترضع أطفال بلاد العرب أوطاني.. وغداً نكمل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - صوت الإمارات
نجوى كرم النجمة اللبنانية وعضو لجنة تحكيم برنامج "Arabs Got Talent" في موسمه السابع؛ مع كل حلقة تعرض تشاركنا بصور لها من كواليس البرنامج، وتسلط الضوء باستمرار على إطلالاتها الجذابة التي خطفت بها الانتباه وقت التصوير، حيث تألقت نجوى كرم بإطلالات استثنائية جعلتها محل اهتمام الجمهور خلال البرنامج، وشاركتنا بأجمل صورها على انستجرام، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل الإطلالات التي ظهرت وسوف تظهر بها نجوى كرم في حلقات الموسم السابع من برنامج اكتشاف المواهب الشهير. الإطلالات الناعمة الخالية من التفاصيل المبالغ فيها؛ كانت خيار لافت للنجمة اللبنانية تزامنًا مع تحضيرها للبرنامج الشهير أو تصوير بعض الحلقات، فظهرت مؤخرًا بإطلالة باللون الأبيض جاءت مكونة من فستان طويل بتصميم كلاسيكي، جاء من الأعلى بأكمام طويلة وياقة عريضة ومفتوحة على ...المزيد

GMT 23:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجمات مصريات يسترجعن رشاقتهن ويخسرن أوزانهن بحمية صارمة

GMT 08:02 2014 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

أمير منطقة نجران يفتتح معرض للصور التاريخية

GMT 12:03 2018 الإثنين ,21 أيار / مايو

ممارسة الرياضة خلال منتصف العمر تحمي القلب

GMT 18:59 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

تعرف على أخطر الرحلات السياحية في العالم

GMT 06:43 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الموسم الجديد من برنامج "تاراتاتا" على "روتانا مصريَّة"

GMT 13:46 2013 الجمعة ,09 آب / أغسطس

أزمة ثقة في الطاقة النووية في شمال آسيا

GMT 19:18 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

حلقة خاصة عن العلاقات الزوجية على الراديو 9090

GMT 12:16 2013 الجمعة ,12 تموز / يوليو

"الفلّاقة" يقرصنون موقع جريدة الصّريح

GMT 13:27 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

10 حيل فعالة لمساعدة طفلك على التركيز أثناء المذاكرة

GMT 01:08 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

برشلونة لا ينوي دفع أموالاً إضافية لـ "ليفربول" بسبب كوتينيو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates