تذكرة وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

تذكرة.. وحقيبة سفر

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر

ناصر الظاهري

من مسعدات الحياة أن تأتيك رحلة في وقتها الصحيح، تكون أنت قد بلغت حد تعبك وهموم يومك، تطارد الوقت، وتريد أن تسبق الأشياء، تريد فقط أن تتنفس برئة خالية من مضجرات اليوم، وتفاصيل صغيرة تورث ليناً في العظام، وحين تأتي مثل تلك الرحلة كمكافأة سماوية، لا تريد أن تعرف الوجهة، ولا طبيعة المكان، هو سفر لغاية السفر، وهرباً من ضيق المكان هنا، لأفق المكان هناك، فكيف والرحلة من تلك التي لا تدري بحقيبتك، ولا شيئاً عن تذكرتك، وكل شيء فيها يمشي بمقدار، ووفق معيار، وسط جمع، وصحبة لا يكفي دمع العين لفراقهم.

هكذا كانت الرحلة إلى مدينة «بدروم» وشواطئها الزرقاء، وتلك الجزر المتناثرة، والجبال الخضراء، يطوف بك مركب تلتفت يمنة فإذا بتركيا على اليمين، وتلتفت يسرة، فإذا باليونان عن الشمال، وتريد أن تفعل شيئاً، فلا تجد غير أن السعادة حاضرة، وتكتفي بذلك التأمل، وهدهدة المركب، فتستحضر كل ما هو جميل لحظتها، وتتمنى لو أن الوقت يدوم في «بدروم»، ومن مرسى إلى رصيف مرسى تنتقل محتضناً الفرح، وتلك اللحظات التي تتمنى لو أنها لا تنشد الهروب.

في البحر، وذلك البساط الأزرق الممتد حد نظر العين، تضيع منك كل مناكفات اليوم، فلا تتذكر أحداً بأذى، ولا ترجو من أحد رجاء، أنت ونشيد البحر، ودفء الفضاء، وظل السماء، وتتفكر كم هي الحياة أجمل، والدنيا أسعد من غير شر، وتبيّت الضرّ، وخلق الكراهية، وصنع الجفاء.

في البحر يكون القلب للإيمان أدنى وأقرب، وتكون العين من البصر للبصيرة أدنى وأقرب، وتكون الحواس من الصدق والأمانة والصبر، وفعل الإحسان أدنى وأقرب، ويكون العقل للتفكر والتدبر والخشوع أدنى واقرب، أي سر في هذا الأزرق، وأي سحر للصمت، وعطر للكلمات، وأكثر! يعريّ الإنسان، فلا يكون إلا الروح، والنور، والجوهر.

لا الصباح هو الصباح، ولا الليل هو الليل، أي فيض، وأي تداعيات تحضر، كلما توغل بنا المركب نحو زرقة مظلمة،  نودع شمساً في مغربها، ونستقبل شمساً في مشرقها، والجهات أفق، ولا تنتهي المسافات، هي المرافئ التي تجبرك على التوقف عن الصهيل، ومناغاة الريح، هي وحدها من تجعلك تحبس دمعة على فراق الأشياء، بذلك الإحساس قبيل المغيب بيتم الأمكنة، وهروب الليل داخل البيوت، والشعور بالوحدة الباردة التي تأتي وحدها من دون المطر.

ليس أجمل من رحلات البحر التي يمكنها وحدها أن تأخذك عنك، وتهرب بك من نفسك إليك!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر تذكرة وحقيبة سفر



GMT 19:41 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أزمات إقليمية جديدة

GMT 19:23 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قيصر روسيا... غمزات من فالداي

GMT 19:19 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المفهوم الايراني للانتخابات... والعراق ولبنان

GMT 19:14 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة مناخية ملهمة للعالم

GMT 23:17 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

ظهورُ الشيوعيّةِ في لبنان

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates