صامد في وجه الريح

صامد في وجه الريح

صامد في وجه الريح

 صوت الإمارات -

صامد في وجه الريح

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

التقينا بزميل لنا باعدت بيننا السنون، وفرقتنا سبل الحياة، فإذا به كما تركناه آخر مرة حين أنهينا الدراسة الجامعية، البعض منا تزوج مباشرة، لتكوين أُسر مبكراً، وآخرون انخرطوا في وظائف مختلفة، والبعض أكمل دراساته العليا في الخارج، زميلنا لم يتزوج، وذهب إلى الخارج لمزيد من التخصص في مادة الأحياء أو الكيمياء أو ما شابهتهما، صحيح أنه كان نظيفاً في الجامعة، وتبدو عليه هيبة الأطباء، خاصة بتلك النظارة، وحين يرتدي ذاك المعطف الأبيض وهو يهم بالدخول إلى المعمل مع قوارير وأنابيب الاختبار، لكنه الآن بعد ثلاثين عاماً بالهيئة نفسها، وبالنضارة عينها، وكأن السنين - ما شاء الله- مرت من خلف ظهره، فتحسسنا لحانا التي خطّها البياض، وكلنا تساؤل عن سبب مقاومة زميلنا لمرحلة الصدأ والشكوى والوزن الزائد وسقوط الشعر، تأسف بعضنا على الزواج المبكر، وهو ما عبّر عنه صديق يبدو أنه قاسى طويلاً مرجعاً سبب تدهورنا، وتبدل أشكالنا للحياة الزوجية غير الهانئة، ومتطلبات الرباط المقدس، وتعب تربية الأولاد، وأرجع صديق آخر السبب إلى الكَدّ الزائد في الشغل، وضرب الخطوط من أبوظبي إلى العين على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع، وقال صديق آخر: أعتقد أنه مريح نفسه، ولا يكلفها أكثر مما تحتمل، ويعيش حياته بالطول والعرض، لا يفكر في أسهم أو دكاكين مؤجرة أو ديون بنكية أو مزرعة احترق الغَطّاس فيها، فاختصرت الموضوع دون تلك البكائيات بأثر رجعي، قائلاً له: تبدو اليوم مثل نجوم السينما الإيطالية، لِمَ لم تدخل التمثيل؟ فضحك حتى ازداد إشراقاً، وطغت على وجهه حُمرة شبابية، حتى تحشرج صوته وكح، وكاد أن يَشْرِق، فطالعنا جميعاً ذاك الصديق اليابس مثل «العوالة» لأن عينه تعق البيدار من على نخله، فعرف ما نرمي إليه، وصرخ مبرئاً نفسه: «أنا.. ما يخصني»، فتحرطم كبيرنا: «والله.. ما أحد غيره مبريدنّا، وعافد في عافيتنا»، استعاد زميلنا استقامته، مرحباً بنا، وقالها صريحة: لقد تغيرتم كثيراً، وبعضكم لم أتعرف عليه بسرعة، فشككنا في أنفسنا جميعاً، لأن كلمة بعضكم لم تمش علينا، وخاصة ونحن في عمر الحكمة، ووقت التقاعد، وبعد كل أنواع الحفاوة، وكلمات العتاب والشوق، كنا جميعاً نريد معرفة سبب ذلك الشباب الدائم، ومقاومة الزمن، وتعب الحياة، فقال: ببساطة ليس هناك من سبب واحد، فقط طوال حياتي كنت أدلع نفسي، ولا أرهقها، وأهرب من كل شيء يمكن أن يزعجها، وأهرب من أصحاب الطاقة السلبية، وأفر من القيل والقال، وحياتي وما فيها وحولها وكل شيء بشأنها من اختصاصي، وأنا المقرر بخصوصها، بالإضافة إلى ذلك ومنذ أن بلغت الأربعين لم أشتر مرة شامبو أو صابون أو معجون أسنان من مكان غير الصيدلية، ولم انتعل غير حذاء طبي، ولم أنم على فراش أو مخدة غير طبية، فدارت عيوننا في محاجرها، وظهر علينا الندم الذي لا يفيد الآن، وليس في وقته، وأدركنا حينها أن السبب قد عرف، وأن أساس تدهور أشكالنا، وجفاف جلودنا، ووداعنا لـ «كشيش» الشباب الجامعي، هو اعتمادنا على شامبو وصابون ومعجون الجمعية أو البقالة التي بجانب بيوتنا!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صامد في وجه الريح صامد في وجه الريح



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - صوت الإمارات
نجوى كرم النجمة اللبنانية وعضو لجنة تحكيم برنامج "Arabs Got Talent" في موسمه السابع؛ مع كل حلقة تعرض تشاركنا بصور لها من كواليس البرنامج، وتسلط الضوء باستمرار على إطلالاتها الجذابة التي خطفت بها الانتباه وقت التصوير، حيث تألقت نجوى كرم بإطلالات استثنائية جعلتها محل اهتمام الجمهور خلال البرنامج، وشاركتنا بأجمل صورها على انستجرام، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل الإطلالات التي ظهرت وسوف تظهر بها نجوى كرم في حلقات الموسم السابع من برنامج اكتشاف المواهب الشهير. الإطلالات الناعمة الخالية من التفاصيل المبالغ فيها؛ كانت خيار لافت للنجمة اللبنانية تزامنًا مع تحضيرها للبرنامج الشهير أو تصوير بعض الحلقات، فظهرت مؤخرًا بإطلالة باللون الأبيض جاءت مكونة من فستان طويل بتصميم كلاسيكي، جاء من الأعلى بأكمام طويلة وياقة عريضة ومفتوحة على ...المزيد

GMT 23:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجمات مصريات يسترجعن رشاقتهن ويخسرن أوزانهن بحمية صارمة

GMT 08:02 2014 الثلاثاء ,23 أيلول / سبتمبر

أمير منطقة نجران يفتتح معرض للصور التاريخية

GMT 12:03 2018 الإثنين ,21 أيار / مايو

ممارسة الرياضة خلال منتصف العمر تحمي القلب

GMT 18:59 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

تعرف على أخطر الرحلات السياحية في العالم

GMT 06:43 2013 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الموسم الجديد من برنامج "تاراتاتا" على "روتانا مصريَّة"

GMT 13:46 2013 الجمعة ,09 آب / أغسطس

أزمة ثقة في الطاقة النووية في شمال آسيا

GMT 19:18 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

حلقة خاصة عن العلاقات الزوجية على الراديو 9090

GMT 12:16 2013 الجمعة ,12 تموز / يوليو

"الفلّاقة" يقرصنون موقع جريدة الصّريح

GMT 13:27 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

10 حيل فعالة لمساعدة طفلك على التركيز أثناء المذاكرة

GMT 01:08 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

برشلونة لا ينوي دفع أموالاً إضافية لـ "ليفربول" بسبب كوتينيو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates