مرضى وسائط التواصل

مرضى وسائط التواصل

مرضى وسائط التواصل

 صوت الإمارات -

مرضى وسائط التواصل

بقلم : ناصر الظاهري

المنصات الرقمية ووسائط التواصل الاجتماعي خلقت مرضى من مجانية فعلها، ومشاع وجودها، والإسفاف التي يحكمها، فغدت أشبه بأزقة الحواري الشعبية الرخيصة التي تسمع أحط الكلمات، وأكثر الأحاديث بذاءة، ويمكن أن تتشاكل الجارة مع جارتها على صحن قديم، ويمكن أن يتعارك شخصان لأن أحدهما شعر من بعيد أن الآخر ينظر له باستصغار واحتقار، وقد تظهر السكاكين والمطاوي الحادة، والسبب أن أحدهم رمش بعينه، وقد تكون بحركة عصبية لاإرادية، ونقص فيتامين «ب»، وصادفت مرور زوجة أحدهم، فاعتبرها الزوج الغيور، ثلمة في شرفه! حال تلك الأزقة الشعبية، هو حال منصاتنا الرقمية، ووسائط التواصل الاجتماعي، ومجانينها النفسيين، لذا تجد الكثير من الناس الراقين، ومن فيهم صفة حميدة من خصل الإيمان والحياء، يترفع أن يوجد فيها، والبعض يختبئ تحت قناع واسم وهمي إذا ما غلبه الفضول، ويبقى كمتفرج يعشق العروض المجانية لذلك التناوش والتنابز بالألقاب من بعيد، والغلظة في القول، والكلام المشين المعيب!
لا معرفة يمكن أن تتبعها في تلك المنصات، ولا فائدة يمكن أن تضيفها لتجربة العمر، ولا أفق يمكن أن يذهب بك بعيداً في الأشياء، وعميقاً في القيم والأخلاق، تشعر أن كل من فيها هم في عمر السابعة عشر، ولا يحملون مسؤولية، ولا يتحملون مسؤولية، كل شيء مهما كان عظيماً يمكن أن يتحول إلى مهزلة وضحك أقرب إلى الهبل، ويمكن أن تتحول قضايا الأوطان العادلة إلى حوارات طرشان، ومزايدات تحط من قدر الشجعان، وتعلو من قيمة الجبان. في تلك المنصات أسهل ما يكون فيها تحطيم أحلام الناس وأمانيها، قتل النفوس، وتعطيل الأرواح، ونسف المنجزات. مشكلة تلك الوسائط أنها تختار الناجح لكي تحط منه، وتنتقي الفاشل الذي لا قيمة له لتعمل له قيمة تذكر، زبائن تلك المنصات لا يمكن أن نطلق عليهم إلا صفة المدمنين، فهم قبالتها طوال الساعات، ولا يأتون إلا منكراً. تمنيت أن أرى في القليل منها احترام الرأي والرأي الآخر، ومناقشة فكرة بكل أبعادها دون الشخصنة، ودون تلك النظرة الشوفينية الضيقة، مرات تُسَب أوطان لأن الذي على الطرف الآخر في المحاورة منها، ومرات تؤخذ شعوب جريرة فعلة فرد منها، والمشكلة إذا ما استعصت مشكلة بين بلدين، لا تطرح الحلول البديلة والعقلانية، ومن راهن وقتنا، لا.. يردونها للتاريخ البعيد، ويرجعونها إلى أيام الجاهلية الأولى، ويخوضون في مساحات غائبة عن فكرهم الضيق، ويهرفون بما لا يعرفون في مسائل تحتاج لمنطق وبراهين وسلاطين وأدلة دامغة، وليس مما حدثنا فلان عن علان أو كما قالت جدتي في خرفها، بصراحة من يتبع تلك المنصات أو يتتبع مدمنيها، لا بد أن يصاب بذلك الانفصام الشخصي المتأخر أو الانفصال عن الذات العاقلة، وقيمة الإنسان في أمانة الاختيار!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرضى وسائط التواصل مرضى وسائط التواصل



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates