تذكرة وحقيبة سفر 1

تذكرة وحقيبة سفر -1-

تذكرة وحقيبة سفر -1-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 1

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري


زمان.. قبل النفط، أيام جيل الستينيات الذي لم يعرف السفر إلا متأخراً، كانت لدينا هواية جميلة ومسلية ومفيدة، هي البديل الحقيقي عن السفر إلى المدن الذي لم يكن ميسوراً حينها، إما بحكم العمر أو بحكم الإمكانيات أو الفهم والدراية، كنت تجد كل أولاد الحي من هواة المراسلة، وجمع الطوابع، والمناظر الطبيعية، وتبادل الآراء دون استثناء، حتى الكسول الذي ليس له من طيّب الخاطر أن يخط صفحة، والمتعثر في صفه الذي لا يقدر أن يكتب جملة صحيحة، والرياضي الذي كل فهمه في الكرة، ولا يحب الطوابع، ولا له دخل في تبادل الآراء، تجدهم مدخلين رؤوسهم مع تلك الفئة التي تعشق الأسفار بالمراسلة، وتبحث عن فائدة غائبة أو تريد أن تتعلق بمراسلة فتاة من الجنس الناعم، والتي تجدها مصورة بـ «باروكه» تلمع، والكحل ولا كحل «سميرة توفيق»، وتبدو للمتفحص العاقل أنها أكبر عمراً من صورتها المحسنة، لكنه في زمن القحط ذاك، كان يرى فيها «نجلاء فتحي أو سهير رمزي» مع بداية الأفلام العربية الملونة «أي كلام»، وعلشانها يمكن الواحد يكذب، ويكتب لها أنه من أنصار «فريد الأطرش» من باب تقريب وجهات النظر، والأشياء الفنية المشتركة، لكنه في حقيقته دوم التساؤل لِمَ «فريد الأطرش» كثير التنحنح؟ وكحته مسموعة قبل أن يبدأ في الـ «كوبليه».
في ذاك الزمن غير البعيد، كان الجميع جالساً في البيت، ولا يرى إلا حارته، ولا يعرف إلا جارته، ومدينته أشبه ما تكون منعزلة، ولا فيها شيء من التسلية، وطوال الوقت إما يقرأ مجلات قديمة أو يسمع للراديو، ويسافر بأحلامه، ويتواصل مع الآخرين من خلال ذلك الباب الجميل في الصحف والمجلات، وبعض البرامج الإذاعية الذي يسمى «ركن التعارف»، لقد عشقنا ذلك الركن، وكنا من المواظبين على المراسلة، وما يتبعها من جمع الطوابع، وبعضنا يزيد عليها، ويبالغ أنه من هواة المطالعة أو جمع المناظر الطبيعية، هذه الهوايات كانت غالبة لدى الرجال، بَعضُنَا ظلت معه يجرجرها لخريف العمر، بَعضُنَا الآخر تخلى عنها أو هي تخلت عنه، حتى جاء زمن لم نكن نتصوره قضى على تلك الهواية الجميلة، وقض أركانها من صحف ومجلات ورقية، وحتى برامج إذاعية، واختفى القرطاس، وجفّت الأقلام، ولَم يعد للناس متسع من الوقت ومن رحابة الصدر أو حتى المزاج بدخول الهواتف النقالة مختصرة كل شيء بما فيها المسافات والزمن والأصدقاء والأسفار.
نحن هواة المراسلة وجمع الطوابع، وتبادل المناظر الطبيعية، كنّا نحرص ونتسابق لمن تأتيه رسالة من الخارج، وعليها طابعان، نظل نتسول منه ذلك الطابع المدموغ بالأختام، وكان في العين، غير بعيد عن بيتنا الأول في وسطها المخضّر بالماء والنخيل، مكتب البريد القديم المصنوع من «البريستي» على زمن الإنجليز، كان مزوداً أساسياً لكثير منا نحن الراكضين خلف طوابع البريد، بعض الطوابع كنّا نشتريها، وبعضها نتبادلها، وبعضها الآخر نسعى لها بشتى الطرق، ومنها السفر بالمراسلة، تلك الطوابع كنّا نصففها حسب بلدانها في «ألبوم» خاص، معتنى به، في حين نحتفظ برسائل أصدقاء ركن التعارف في صناديق خشبية صغيرة، وبعضها كانت معطرة، خاصة بتلك الأوراق الوردية، وذات القلب الكسير أو المجروح أو الذي يخترقه سهم «كوبيد».. وغداً نكمل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 1 تذكرة وحقيبة سفر 1



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020

GMT 14:48 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"Mother of Pearl" ترفع شعار تقديم الملابس المسائية صديقة البيئة

GMT 06:14 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوي كارداشيان تظهر بإطلالة جريئة باللون الأصفر النيون

GMT 05:01 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب الوطني تحت 19 عامًا يواجه طاجيكستان في كأس آسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates