تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر (2)

تذكرة.. وحقيبة سفر (2)

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

بقلم - ناصر الظاهري

في ساحة معبد «أولو واتو» أو الصخرة الأمامية على شواطئ المحيط الهندي، كان المكان يتنفس الطبيعة، وظلال الأشجار العملاقة تضفي عليه سحراً، وكنت سابحاً في بحر من التأملات لولا ذاك النشال الصغير بخفة وزن الريشة الذي أيقظني بتلك المهارة الحقيقية التي لا يقدر عليها البشر، وسرعته الخاطفة، وانقضاضه المفاجئ، وسط غفلة مني أثناء التصوير من مكان مرتفع، تلك تبريرات ساقتها النفس دون اقتناع كبير، لأخفف من وقع الهزيمة التي لحقتني، ثم كلت اللوم على مرافقي السياحي الإندونيسي الذي منذ استقبلني في المطار، وهو طويل جداً بدون داع، ويعيد الكلام مرات ومرات، وكأنه موجهه لصبي صغير بسبب رعبه الوظيفي لكي لا يغلط ويحاسب، لكنني تعرضت للسرقة أمام عينيه، رغم أنه هو من حذرنا بجانب التعليمات السياحية من نشالي المعبد، فطلبت منه أن يراقبني أثناء التصوير، فتطوع وتبرع أن يصبح مثل مساعد المصور الذي لا تعرف متى ينفع، ومتى تقتنع بعمله، صاحبنا بعد السرقة، أطلق الصرخة، وبعد أن لاذ النشال الصغير بصخرة حادة وعالية، وتحتها مهوى عميق يصل للبحر، فلم نقدر أن نصل إليه، رغم محاولاتنا اليائسة لأن نستميله بإرجاع ما سرق، مقابل هدية ستفرح قلبه، إلا أنه ظل ينتقل من مكان إلى مكان بخفة عالية لم نستطع أن نجاريه فيها، وقد تجمع نفر كثير تعاطفاً مع حالتي، محاولين بشتى الوسائل القبض على النشال، حتى مدربه زعيم العصابة لوّحنا له ببعض المال ليعيد لنا الشيء الغالي عندي، وعنده وعند النشال لا يساوي ما أدفعه له الآن، لكن النشال عاند، وأعلن تمرده على مدربه، وظل يتقافز فرحاً كطفل وجد لعبته المفضلة، جلست أتفكر ساعات بعد تلك الهزيمة التي لحقت بي لأول مرة في أسفاري، كان انقضاض النشال سريعاً كالبرق من شجرة عالية، بعد أن حدد الهدف وحدد الطريقة، واستغل نقطة انشغالي بالتصوير، والتركيز على اللقطة، وبحرفية متناهية وصلت يده إلى نظارتي الطبية رغم أنها لاصقة على وجهي وعلى منظار الكاميرا، ولا مجال لمرور إبرة، إلا أنه انتزعها ليعميني، ولا يعرف مقدار الضرر لفقد نظارة البصر، إلا من ابتلى بثلاث درجات ناقص، لقد لاذ قرد المعبد أو النشال الصغير بنظر عيني، وجلس يتفحصها ويضعها على وجهه، ويغيظني بمطّها، ثم قرض أطرافها، وبعد نظرة التشفي الأخيرة حطمها، ثم رماها لنا، شعرت حينها كالمصلي الذي سرقت نعاله من المسجد نهار الجمعة، النعال يعوض، الفضيحة هي المشي حافياً أمام الناس، وهكذا النظارة بقيت كالأعشى بالكاد أبصر طريقي، وأخشى الشماتة، لأني ساعتها كنت لا أفرق كثيراً بين شبح فيلة يتبعها أطفالها، وبين شاحنة مارة صدفة على طريق الغابة! 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates