المعاداة والإرهاب المتأسلم

المعاداة.. والإرهاب المتأسلم

المعاداة.. والإرهاب المتأسلم

 صوت الإمارات -

المعاداة والإرهاب المتأسلم

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

لمَ العربات الفارغة هي أشد ضجيجاً، وحدها المحملة تأخذ طريقها دون أي ضجيج، هكذا هي أمور الحياة، لا يبقى فيها إلا ما انتصرنا له من قيم إنسانية سامية، وأخلاق ربانية جاءت بها رسائل وشرائع السماء، صوت الحق يعلو على صوت الشر، والخير دوماً هو المنتصر، وإن تأخر قليلاً، وحين يتراجع الحكماء والمتنورون وأهل الحل والعقد عن دورهم، يتقدم الرعاع خطوة إلى الأمام، ويحاولون سد ذاك الفراغ، ولأنهم من فراغ، يعضدون أنفسهم بالضجيج والجلبة، وتثوير الأمور، واختيار نقاط ضعف الإنسان، وما يمكن أن يجرح عاطفته، ولأن الرعاع محتاجون دوماً لعقول تدفع بهم، لا يجدون من يقوم بذاك الدور إلا الشريرين، ومن لهم مطامع لا تتحقق إلا في وجود الفوضى العارمة، وهنا المكسب، ومن يطعم الفائدة يحب أن يزداد منها، لذا من مصالحهم إبقاء الأمور تغلي وتعميم الفوضى وخلق التوتر والاحتقان، هكذا يجب أن نقرأ المشهد من داخل فرنسا، ومن خارج فرنسا، لأن المسألة ليست كما صور لنا، وشبّه لنا، وأرادوا إقناعنا به، صوراً مسيئة، وبالتالي معاداة الإسلام والمسلمين، ولا الثأر لتلك القضية بالنحر والطعن وجز الرؤوس في بيت للعبادة، وبالتالي ترسيخ مفهوم الإرهاب الإسلامي لدى الشعوب الأخرى، ونحن ندافع ونصرّ على أنه إرهاب متأسلم، لأن وراءه أجندات سياسية لبعض من الدول، ومنافع لبعض من الأحزاب المتشددة والمتدينة فكراً سياسياً، وهي وراء الدعوات الغوغائية، وغير المحسوبة والفوضوية بالمقاطعة والتطاول وتسخير الأفراد المغرر بهم لتفجير الأوضاع لتصبح المسألة قضية رأي عام دولي، فالذين كانوا ينادون بالمقاطعة الفرنسية، لأنه طلب منهم، لا يعرفون البضائع الفرنسية، وجلهم لا يقدرون على شرائها، لذا لن يتأثر القادرون على الشراء والذين أمروهم بالمقاطعة، ولن تتأثر فرنسا بتلك المقاطعة الاقتصادية القائمة على الضجيج الإعلامي الرقمي، من سيتأثر من ذلك الضجيج والشد والجذب والتوتر الشعبي المسلمون الساكنون فرنسا وأوروبا، وعددهم بعشرات الملايين، وحدهم في وجه المدفع، وفي جوف المعمعة، وليس الذين يصرخون عن بُعد، ويناوشون عن بُعد، ويقاطعون عن بُعد، وحدهم المواطنون الأوروبيون المسلمون سيتعرضون للأذى من قبل اليمين المتطرف، ومن قبل المتشددين القوميين، والمرأة المسلمة في أوروبا هي من سينزع خمارها وحجابها لا تلك التي تستنجد: وا.. معتصماه! من أمام كاميرا نقالها الذهبي، ولأنها لغة العقل وحديث الحكمة، سيظهر من الغوغاء من سيقول لك: يعني أنت عاجبك أن يسبوا الرسول الكريم! يعني أنت تدافع عن فرنسا التي نشرت صوراً كاريكاتورية مسيئة لشخصية النبي الأكرم! لماذا تنسى ما فعلت فرنسا في الجزائر وأفريقيا؟ مثل هذا الكلام هو الذي فجرّ الوضع، ومثل هذا الكلام يود الظالمون لو ساد وانتشر، ومثل هذا الكلام، وغيره من التضخيم وحتى الافتراء، والذي هو خارج السياق الزمني والموضوعي هو الذي حرك مشاعر وعواطف الناس البسطاء، وجعلهم في حالة غضب وعداء متحفز لفرنسا ورئيسها، وهذا الذي يريده العابثون، لأن العنف يتربى، ويتراكم حتى يستوي، بعدها ليس بحاجة إلا إلى كلمة بسيطة منهم، وفي التوقيت الذي يريدون.
هؤلاء الناس البسطاء الذين يحملون على فرنسا دون دراية ولا معرفة إلا أنها عدوة للإسلام، ولا يعرفون عن رئيسها، الذي جعلوا منه سخرية وردة لفعلهم الغاضب، ووضعوا له من الصور المركبة ما لا يقبلها المسلم الورع، إلا أنه ضد المسلمين.
فرنسا حتى عام 1951 لم يكن فيها غير مسجد واحد هو مسجد باريس، اليوم فيها 2260 مسجداً، وفيها معهد العالم العربي، وكل جامعاتها تدرس الفكر الإسلامي والأدب العربي، وفي العشرين سنة المنصرمة استقبلت 1.5 مليون مهاجر، أكثر من 87%؜ منهم من البلدان الإسلامية، ولديها فرق بين الإسلام كحضارة والمسلمين كإخوة في الإنسانية، وبين الإرهاب المتأسلم الذي يريد المعاداة، ويريد الاستفادة من دم الضحايا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعاداة والإرهاب المتأسلم المعاداة والإرهاب المتأسلم



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates