تذكرة وحقيبة سفر 2

تذكرة.. وحقيبة سفر (2)

تذكرة.. وحقيبة سفر (2)

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر 2

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

بعد أن قضينا أسبوعاً لا ينسى في اليونان بين آثارها القديمة وبلداتها التي نسيها التاريخ، وبين جزرها التي تشعرك وحدها أن اليونان ما زالت حيّة، ولم تندثر كغبار في صفحات الأيام، منها توجهنا إلى مدريد التي هي ملعب «سهيلة» الحقيقي، وتأخرت أنا خطوة إلى الوراء، فهي تتقن الإسبانية كأي قشتالية، وأنا إسبانيتي خجولة، وما زالت تحبو، فتركت لها مقود إدارة دفة رحلة إسبانيا، ولكن فاجأتها بالإقامة في فندق «ريتز» التاريخي الذي تحيط به المتاحف وساحات مدريد، فهي تعشق المباني القديمة ذات الطابع الكلاسيكي، في حين تشكل لي بعض الضيق، وتشعرني بذاك الخمول الشتوي، كنا يومياً نتوجه لمدينة صباحاً، ولا نعود إلا مع آخر قطار يصل مدريد ليلاً، في هذه الرحلة من شهر العسل شعرت أنني حققت لها أمنية أن تجوس في أرجاء إسبانيا، وتعرف الأشياء بملامستها باليد، لا من خلال قراءات، وحب عن بعد، تذوقت كل الأطعمة التي تعرفها مصورة في كتاب، جُلنا في كل مدن إسبانيا، وادخرت رحلة الأندلس والجنوب للآخر، لأنني كنت أعرف رقة قلبها، ودموعها الجاهزة، وذاك الحنين الذي يجذبها للتاريخ العربي الأندلسي، وحدث ما توقعت حيث دخلت في رحلة الندم والحسرة التاريخية منذ أن زفرها على جسر الحسرات «أبو عبدالله الصغير، ابن عائشة الحرّة» التي علقت نصيحتها في عنقه وتركته يغيب في زرقة البحار «ابكِ مثلَ النساء مُلكاً مضاعاً * لم تحافظ عليه مثلَ الرجال».
لم تنته فجيعة سهيلة إلا بمغادرة مطار «باراخاس»، ولكن تكبدت فجيعة أخرى، فقد نسيت كاميرتها في سيارة المطار أو على مقعد من مقاعد المطار أو في الفندق، وفيها كل ذكريات تلك الرحلة، ولولا ذخيرتي الكاملة من تلك الصور في كاميراتي، لطلبت مني رحلة أخرى شبيهة برحلة شهر العسل.
ما كان أي شيء ليبرد جوف «سهيلة»، ولا أي مدينة يمكن أن تجعلها تنسى غير باريس، خاصة وهي ملعبها الثاني، حيث تتقدمني باللغة الفرنسية خطوة إلى الأمام، فكانت المتعة الثانية لها في رحلة العمر حيث رأت باريس بعيوني، لكنها كانت وجلة، خاصة حين أتكلم عن الأماكن والأزقة والمطاعم والمقاهي الثقافية بذلك الحب الغامر، فتخبئها في نفسها، تلك الغيرة التي يبدو أنها ستكبر مع باريس ومن باريس، لكني مع ذلك كنت مرشداً سياحياً مخلصاً، وهي انطلقت فرحة متذكرة كل ما قرأته عن الأمكنة في الروايات الفرنسية، وما درسته عن الحضارة والحياة الفرنسية، وما تمثله باريس من عطر وزي ورقي في حياتها.
ودّعت باريس بحزن واضح، لم تستطع هولندا بكل ألقها أن تنسيها لحظات من الفرح الطفولي، ومسك ليالي باريس، ونهارات كان فيها التعب والمرح وملامسة الأشياء، وتأسيس لذكريات ستبقى مع الأيام، وربما سردتها لأولئك الآتين من رحم الغيب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر 2 تذكرة وحقيبة سفر 2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates