بقلم : ناصر الظاهري
حسمت سويسرا وكثير من بلدان أوروبا، وقبلها فرنسا الجدل الخاص بالنقاب ليطبق الحظر في أرجاء الأراضي الفرنسية ومستعمراتها، رغم أن عدد المنقبات أو المبرقعات الذي جعل فرنسا تصدر بشأنهن قانوناً للحظر لا يتعدى الـ 1900 امرأة فقط، من أصل 5 ملايين ونصف المليون مسلم الذين يعيشون فيها، لكنها كانت من أكثر الدول تشدداً بشأن النقاب، معتبرة إياه انتقاصاً من حق وكرامة المرأة التي تجبر على أن تعامل بدونية ووصاية في ظل دولة علمانية أولاً، وذات أصل كاثوليكي ثانياً، طالبة التفريق بين الحجاب والنقاب أو البرقع، والذي لم تسمه باسمه صريحاً في قانونها، بل استعاضت عنه بكلمة «غطاء الوجه»، أما الحجاب الذي ترتديه النساء المسلمات من عربيات وأفريقيات وآسيويات وتركيات، فهو لا يدخل ضمن المحظور.
وتحايل القانون الفرنسي على كلمة «نقاب، برقع، حجاب» والتي لا تعد من ضمن قاموس لغته الأصلية، ولكنها فرضت وجودها على القاموس اليومي بعد ما فرضت حالها على الواقع في المجتمع الفرنسي، ولعل إدراج كلام عام يعني أن حالة التبرقع والتنقب جاءت منعاً لإعطاء تفسيرات وتخريجات يمكن أن تتحايل على القانون، لذا استعملت تلك العبارة فيه: «إخفاء الوجه في الأماكن العامة»، وتشمل الشوارع والحدائق والأماكن المفتوحة للعامة، كالمتاجر ووسائل النقل والمقاهي أو تلك التي تقدم خدمات عامة، كالبلديات والمدارس والمستشفيات وغيرها، وكل من يثبت تحديها للقانون تغرم 150 يورو، مع دورة مكثفة لتأهيل المواطنة الفرنسية، ويواجه كل شخص يرغم امرأة على ارتداء النقاب، أو البرقع عقوبة السجن لمدة عام، ودفع غرامة بقيمة 30 ألف يورو، ولن يستثنى من ذلك الزوار والسياح وغير المواطنين الفرنسيين، وحذت بلجيكا حذو فرنسا، حيث أقّر مجلس النواب البلجيكي إجراءات حظر مماثلة، كما صوّت مجلس الشيوخ الإسباني بفارق ضئيل لمصلحة فرض حظر على النقاب.
وقد ظهر رجل أعمال تونسي من المهاجرين المستقرين في فرنسا، والطامح لدخول عرين السياسة، متكفلاً بدفع الغرامات المتحصلة والواجب دفعها من قبل كل المنقبات والمتبرقعات المخالفات للقانون من حسابه الخاص، وطلب تأسيس صندوق من أجل هذه الغاية التي يعتقد أنها نبيلة، لكنها كانت خاسرة سياسياً، وهو أمر يذكرني بمواطنه الآخر، التاجر حين عزم على تسويق زجاجة غازية بديلاً عن الأميركية المعروفة، وسماها زمزم أو مكة، فانصاع وراءه أولئك المتحمسون لأي فكرة مناهضة، لكنهم تراجعوا بعد فشل الطعم، وعدم وجود ذلك السر الذي يساوي «التريليونات»، والذي يحتفظ به في صناديق أرضية مع مدخرات الذهب الأميركي!