«معهد الضاد الثقافي»

«معهد الضاد الثقافي»

«معهد الضاد الثقافي»

 صوت الإمارات -

«معهد الضاد الثقافي»

ناصر الظاهري
بقلم ناصر الظاهري

هناك شعوب تتمنى، وهناك شعوب تفعل، شعوب تحلم، وشعوب تحقق الحلم، هناك شعوب سخرت الثقافة لخدمتها، وتحسين صورتها، وحافظت على لغتها.. هويتها الحقيقية، وحده وطننا العربي الكبير تتعثر جهوده في ذلك، بالرغم من أنه يزخر بالكثير من الأفراد المتنورين، والمؤسسات الثقافية والفكرية الواعية التي تقوم بجهود مختلفة ومحمودة في تنمية العقل العربي، والنهوض بفكره، لكنها جهود متفرقة، لا يربطها رابط، ولا توجه مؤثر، وفاعل بصفة تراكمية تخدم الحضارة العربية، وما لحق بها من تشويه، وما ألصق بصورة العربي وشخصيته النمطية في وسائل الإعلام الغربية والأميركية، وما يهدد لغتنا الجميلة من معاول تهدم فيها من الداخل والخارج، ولو أن العرب اجتهدوا لاستطاعوا أن يتبنوا مشروعاً قومياً عربياً أو ربما إسلامياً كبيراً، لا تختلف التسمية، بشرط أن يكون مشروعاً غير سياسي، وإنما مشروع ثقافي حضاري، يخدم لغتنا، حاضنتنا، وينشرها وفق معايير الثقافة الناعمة، على غرار ما فعلته بريطانيا مثلاً بتأسيسها المجلس الثقافي البريطاني منذ عهد بعيد جداً «بريتيش كونسيل»، أو ما فعلته فرنسا بإطلاق الرابطة الفرنسية «لا أليانس فرانسيز»، أو ما صنعته إسبانيا بتأسيس معهد «ثير فانتيس»، أو ما أقدمت عليه ألمانيا بإنشاء معهد «غوته»، أو ما كان يقوم به الاتحاد السوفييتي السابق في ترسيخ الثقافة الروسية ونشر لغتها وآدابها وفنونها بما يعرف بالمركز الثقافي الروسي، أو ما قامت به اليابان بتكوين المجمع الياباني «جابان فونديشن»، وكذلك ما عملته أستراليا بمركزها الثقافي، أما الصين فلها طرق مرنة في الغزو والانتشار الثقافي، ولديها السبل البسيطة والفاعلة والكثيرة، وغير المكلفة، وتتبنى من ترى أنه يريد أن يتعمق بدراسة لغاتها.
كل من هذه الدول تبنت مشروعها الثقافي الذي يدعم لغتها وحضورها في زمن «الديجتال»، وتصدير حضارتها، واعتبرته وكأنه السفارة الثانية لها في كل بلد، لقد أقدمت هذه الدول على نشر لغاتها وفنونها وثقافاتها وعاداتها من خلال هذه المراكز، واعتمدت كذلك على ابتعاث أبناء الشعوب الأخرى لتعلم لغتها، أو منحتهم البعثات الدراسية في مدارسها ومعاهدها وجامعاتها.
الوطن العربي على اتساعه وغناه، وما يحمله كثير من أفراده من نيات حسنة، يستطيع نشر «الضاد»، غير أن المؤسسات الرسمية البيروقراطية والمتكلسة فيه، تمنع تحقيق هذا الحلم بإنشاء معهد عالمي يخدم اللغة العربية، ويبث فيها روح العصرنة، ويفرضها على لغة الوسائط الاتصالية، ويبرز حرفها المموسق، بجمالياته المتناهية، ويجعل الأجيال الجديدة في وطننا العربي فخورين بها، لا يخجلون منها، بالتأكيد لن أطلب أن يسمى هذا المعهد على أهم شاعر في العربية على مر العصور، لأن كل الشعراء العرب يعدون أنفسهم هم أحق بتلك الأولوية، ويمكن أن تتنازع الدول على أحقية شاعرها عن غيره، وقد تقوم حرب داحس والغبراء بين القبائل قبل أن ينطلق المعهد نحو أهدافه، يمكن أن تكون تسميته تميزاً منحته اللغة العربية لنفسها «معهد الضاد» مثلاً أو المعهد العربي الثقافي، تكون له شخصيته الاعتبارية، وأعضاؤه من رجالات الثقافة والتنوير والفكر المعرفي، لا نريدهم من اللغويين، وإلا سيصبح مثل المجامع اللغوية في أكثر من بلد عربي، ولا نريدهم من التسميات الرسمية، لأننا سنضيّع الطاسة، بمجاملاتنا وتخشبنا ونمطيتنا الجاهلة، ولا نريد للمعهد أن يكون تابعاً لجامعة الدول العربية، لأن «أمنا العجوز» لم تستطع وضع قاموس عربي معاصر عبر تاريخها، وإن اختلف العرب على مكانه العربي، لأنهم بالتأكيد سيختلفون، ويتخالفون، فالنصيحة أن يكون مقره في عاصمتهم الموحدة «لندن»، وتسجيله يكون هناك، وفق النظم واللوائح القانونية البريطانية لضمان حياديته، وعدم التدخل في شؤونه أو قطع الإعانات عنه في زمن الغضب السياسي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«معهد الضاد الثقافي» «معهد الضاد الثقافي»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:01 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 18:54 2019 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 09:09 2015 السبت ,25 إبريل / نيسان

"سوني" تكشف عن مميزات هاتفها "إكسبريا زي 4"

GMT 23:38 2013 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تباين أسعار خدمات المطاعم خلال رمضان

GMT 11:24 2019 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أجمل الوجهات السياحية في شتاء 2020

GMT 14:48 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"Mother of Pearl" ترفع شعار تقديم الملابس المسائية صديقة البيئة

GMT 06:14 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوي كارداشيان تظهر بإطلالة جريئة باللون الأصفر النيون

GMT 05:01 2018 الجمعة ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب الوطني تحت 19 عامًا يواجه طاجيكستان في كأس آسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates