تذكرة وحقيبة سفر2

تذكرة وحقيبة سفر-2-

تذكرة وحقيبة سفر-2-

 صوت الإمارات -

تذكرة وحقيبة سفر2

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

من الأمور التي يتندر عليها المسافر فيما بعد، وبعد أن تنقضي سنوات من التجوال، تلك التفاصيل الصغيرة في السفر، والتي جلبت البسمة وقتها للأصدقاء، رفاق السفر، وبقيت تضحكنا لأيام قبل أن يطويها النسيان، وتستقر في قاع الذاكرة، ليأتي أي شيء بسيط، ويوقظها من سباتها، ويضعها على خط التذكر، واستدعاء تلك البسمة الغائبة:
- مرة كنّا في جمع جميل، قاصدين بودابست الخالدة، وقد حظيت بزيارة هذه المدينة مرتين، مرة أثناء العزلة القسرية، وسيطرة نموذج المعسكر الشرقي، ومرة بعد التخلص من ربق هيمنة الحزب الواحد والانفتاح على أوروبا والعالم، ولن تشعر بالفرق الكبير إلا إذا كنت واعياً في الزيارتين، ففي المرة الأولى ما أن يخيم الظلام حتى تهجم الكآبة بكل وحشيتها على كل الأشياء بما فيها الإنسان الذي سرعان ما يتحول من حيوان داجن يعيش ليعتاش لقمة يومه إلى إنسان تجرحه دموعه، ويريد التطهر من أوجاعه التي انتهكت حريته، وصيّرته إلى مواطن أشبه بـ «البرغي» الحديدي في آلة عملاقة لهديرها رائحة الموت، أما في المرة الثانية فثمة فرح يطغى على المدينة، وثمة طيور الليل تبحث عن ملاذ لغنائها، هناك مطاعم بدأت تعرف السهر الراقي، والعشاق لا خوف عليهم من أولئك المخبرين الذين يرتدون معاطف خبّازية أو ضاربة للون الترابي الساحلي، واكتشف الناس أن لمدينتهم زهواً كان غائباً عنها وعنهم. خرجنا شبعى من أكل «الكولاش واللانقوس» وأنواع من اللحوم المشوية على طبق خشبي، وما يتميز به البيت الهنغاري من حلويات، ونشوى من تلك الموسيقى الصادحة من أرض المجر، وما مر عليها من شعوب وقبائل وغجر، وبعد تلك البراحة والسعة في تلك القلعة التاريخية، حشرنا في حافلة خاصة، والحافلة مهما أردت تزيينها وملاطفتها تظل أقرب للنقل العام، بحيث يمكن أن تشبر عليباء الجالس أمامك، والذي يحجب عنك المنظر الليلي، لأن هناك حقيقة وهي لا أخفيها يعجبني منظر الحجر القديم الذي ترصف به الطرق، خاصة إذا ما جسه مطر أو تساقطت عليه قطرات كانت محبوسة في غيمة شرود، فأعطته تلك اللمعة المحببة، وذلك الإيقاع الطروب إذا ما مرت به عربة خيل لوقع سنابكها بحر الخبب، ظللت أتغزل بنفّات المطر، وما يفعل من ضجيج جميل على صفحة خد الحجر، وكيف يبوح «الساكسفون» لعشاق تلك الزرقة الليلية من آهات صدره، وتذكرت أغاني لـ «إديث بياف، وفرانك سيناترا» وما يستمطر الليل من حواريات مع النفس، مستدعياً كل تلك الروائح الأنثوية التي زاغت القلب يوماً.. كانت لحظات من الوجد والتجلي، وأصدقاء الرحلة أحدهم يومئ، وآخر يهز رأسه إعجاباً، وآخر يقول: «خلّوه يهل اللي في رأسه.. أحسن ما يبات يهاذي به»، وآخرون ظلوا يسايرونني في الوصف واشتقاق الكلمات وانتقائها، خاصة أن الطريق الحجري ظل يشع بالتماعته، وقبل أن نصل للفندق، قالوا لذلك «الضيخ» الجالس أمامي، ويسد مدى نظري بعليبائه: «ضك.. شوي خلّ ناصر يشوف ساد عليه النظر، وتجاوز فوزة الرش التي جلبت له العشو»، ساعتها فقط أدركت أن سائق حافلتنا كان يتبع سيارة البلدية أو سيارة الرش والنظافة التابعة لبلدية العاصمة، وأن لا مطر في تلك الليلة، ولا التماعة حجر في تلك المدينة، ولا «إديث بياف، ولا سيناترا» ملائكتهما حاضرين، إلا ذلك الغناء القديم الساكن في الرأس «strangers in the night»، غرباء في الليل.. حينها شعرت أني واحد منهم، وفجأة انكسرت تلك الصورة الرومانسية، وسط ضحكات الأصدقاء الذين لا ينسون عادة بسهولة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تذكرة وحقيبة سفر2 تذكرة وحقيبة سفر2



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 19:18 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 صوت الإمارات - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 صوت الإمارات - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 19:42 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
 صوت الإمارات - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 02:54 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
 صوت الإمارات - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 03:01 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 صوت الإمارات - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 21:09 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

"داميان هيندز" يطالب بتعليم الأطفال المهارات الرقمية

GMT 11:11 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حسن يوسف سعيد بالاشتراك في مسلسل "بالحب هنعدي"

GMT 03:01 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حسين فهمي ووفاء عامر يستكملان "السر" لمدة أسبوع

GMT 16:07 2013 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم النينجا المكان الوحيد الذي تخدمك فيه النينجا

GMT 20:43 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تقدم الدعم الفني لجيبوتى لتأسيس أول معهد للفنون الشعبية

GMT 00:02 2020 الخميس ,21 أيار / مايو

ميسي ينعى فيلانوفا في ذكرى رحيله

GMT 04:12 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد تناول كوب نعناع في اليوم

GMT 18:59 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

سجون تحولت إلى فنادق فاخرة كانت تضمّ أخطر المجرمين في العالم

GMT 00:57 2019 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

روستوف أون دون مدينة السحر والجمال و تقع في جنوب روسيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates