من أَمِن العقوبة

من أَمِن العقوبة

من أَمِن العقوبة

 صوت الإمارات -

من أَمِن العقوبة

بقلم - ناصر الظاهري

كانت العرب منذ القديم تقول: «من أَمِن العقوبة، أساء الأدب»، ورغم أنه قول قديم، إلا أن الإنسان هو الإنسان، وإنْ تحضّر أو تمدّن، تظل بعض النفوس تغوص في همجيتها الأولى، ولا تريد أن تنفك من رقبة أفعال الشيطان، لذا حين أتى المغول غازين، سنّوا قانوناً بدائياً على من يخون أو يغدر، تتقاسم أطرافه خمسة خيول جامحة، تسلك طرقاً مختلفة، فلا يبقى من الخائن إلا أشلاء متناثرة في ذاك العراء، كانت العقوبة قاسية ومؤلمة إنسانياً، لكن جرم الخيانة عندهم كان أعظم، وكان يمكن أن يضعف الجيش الغازي، خاصة أنهم في متاهة من الجغرافيا، وعزلة من التاريخ، والإمبراطورية العثمانية سنّت عقوبة ما سبقهم إليها من أحد من العالمين على كل من يقف في وجوههم من البلدان التي احتلوها في شرق أوروبا والعالم العربي، وهو «الخازوق»، وهذا يعد جرماً وبشاعة ضد الإنسانية، ولعل تلويحة أو تغريدة أردوغان للمجرم الأسترالي الذي قتل خمسين مصلياً في مسجدي نيوزيلندا، وكان يمكن أن يتمادى في إجرامه، لولا بسالة شرطي نيوزيلندي أمسك به بشجاعة، تشير إلى تلك العقوبة التي يعرفها العالم عن الأتراك، حين قال: تركيا ليست نيوزيلندا في حديثه حين هدد المجرم الأسترالي وجماعة اليمين بهدم مساجد تركيا.

اليوم عقوبة الإعدام في أوروبا بأكملها ممنوعة، وفق القوانين الجديدة، ولا بديل مقنعاً عنها، وفي الولايات المتحدة الأميركية، هناك ولايات تطبق الإعدام، وولايات تمنعه، في الأولى جرائم القتل وخاصة الجماعي، أقل منها في الولايات التي تكتفي بالسجن بديلاً مشروطاً للإعدام، بحيث اليوم يتساوى من يدخل مدرسة ويبيد صفاً من التلاميذ الأبرياء أو يدخل كنيسة ويبيد المصلين أو يقتحم مسجداً ويفني الركع السجود، مع من يقتل شخصاً في مشاجرة بطريق الخطأ أو يصدمه بسيارة غير متعمد.

اليوم الإرهاب في كل مكان، ولا تشريعات خاصة به، الإرهاب يسقط آلاف الضحايا، ولا قوانين خاصة وملزمة وصارمة تتخذ تجاه كل الأمور بالقياس، وكل العقوبات على التشابه، لذا عمّ الإرهاب العالم، وكل يوم ورقعته تتسع، وضحاياه يزدادون.

ولقد استمعت لأستاذ جامعي أميركي، يتحدث في محاضرة لطلبته عن حمل السلاح، وقتل المسلمين، وفي كل مرة يتحسس سلاحاً في جيبه وسط حماسة منه منقطعة النظير، قائلاً بطريقة الكاوبوي: دع المسلمين يأتون هنا.. فسنريهم ما نحن فاعلون، إذا وصلت الأمور إلى المدرسين والطلبة، فلا نلوم العنف والإرهاب إنْ كبر واتسع، والأمر لا يمكن أن نقول إنه منحصر في أميركا، وأوروبا، ففي العالم العربي ثمة مخابئ وأوكار للشيطان تشجع الإرهاب وتغذيه، المشكلة العظمى إنْ تخلى العقلاء عن دورهم، وتركوا مكانهم للمتعصبين واليمينيين والنازيين الجدد، وذوي الرؤوس الحليقة، والمتأسلمين الجدد، والإرهابيين، وغيرهم الذين لا يريدون حياة آمنة ومستقرة وملونة للإنسان العصري الجديد!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أَمِن العقوبة من أَمِن العقوبة



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates