حقائب صغيرة مسافرة

حقائب صغيرة مسافرة

حقائب صغيرة مسافرة

 صوت الإمارات -

حقائب صغيرة مسافرة

بقلم : ناصر الظاهري

 السفر مع الأطفال بقدر ما هو ممتع لوقت محدد، بقدر ما هو من المسائل الشاقة والمتعبة، وتتطلب جلد تمساح، ومزاج فرس النهر، يمكن لسؤال أن يجعلك تقف مندهشاً مكتشفاً ذكاء الجيل الجديد، وكيف تخطونا نحن الذين كنّا نعد أنفسنا رجالاً منذ سن العاشرة، وقد يضحكك موقف عفوي من تصرفاتهم الطفولية، قد تكون في ذروة غضبك، وحلفك بأغلظ الإيمان أن هذه آخر رحلة ترافقهم فيها، فتذبلّ أروى تلك الصبية الساكنة في تجويف الصدر بعينيها، كعصفور حب بريء، فتسحبك لصفها فجأة، وكأن أحداً أراق دلو ماء بارد عليك في حرقة عطش الصيف، فتتنازل بسرعة عن مواقفك الصارمة.

الأيام معهم ممتعة، وهم يكتشفون المدن والأماكن، ومسرات اليوم، ويضفون هم عليها من روحهم ومرحهم، لكنهم في الحقيقة يريدون أباً له طحال حصان، ويتحمل مثل جمل المحامل، ويتذكر بصدق كم تتعب هي الأم، وكم تصبر، وكم تتحمل، وكم تعمل أشياءها بحب لهم، لذا على الآباء أن لا يزعلوا إذا ما عبّر الأطفال عن حبهم، ووجهوه نحو الأم مباشرة، فذلك ما يفرحها في النهاية، وينسيها كل المكابدة!

يبدأ نهار السفر مع الصحو المبكر للتوأمين منصور والحور، بعد أن تكون الحور قد تركت سريرها، وجاءت تتختل نصف الليل لتزاحم الأب في سريره، وتدفعه بضربات غير منتظمة، لتجعله ينام على شقه اليمين على حد السرير، وقد تنام هي بالعرض، وتبات ترفس برجلها في خاصرة الأب اللينة، ولا تنسى الدمى المفضلة، والمتعلقة بها، فتضع كل واحدة على مخدة، ليتوسد الأب ساعده الأيمن حتى يتنمل، منصور يسطو على هاتف الأم، ويظل ينتقي من الألعاب المخيفة لوجوه بلاستيكية وحديدية، ويصحو الصباح يحلم بها، وإنْ ترك غرفته، يمكن أن يتمدد على الكنبة أو يسحب فراش أمه، لتنهض تتوجع من ضلوعها الهشة بسبب برودة المكيف أو من لكمات بقي يوجهها لها متخيلاً واحدة من تلك الألعاب الإلكترونية التي يحبها، ويضحك منها، منصور يحب البحر، الحور تحب ظل الشجر، منصور أكله قليل وخفيف وينهض باكراً، ويحاول أن يظهر شخصيته من الآن على أختيه، الحور صبرها قليل على الأكل، وإذا ما خيرتها بين وجبتين، وسكتت طويلاً، فمعناه أنها تريد الأكلتين معاً، وهي عادة ما تحب أن تحط رأسها القائلة مثل عجائز العين، منصور يبقى يتقافز طوال النهار، في السيارة، في الشارع، على الشاطئ، الحور أكثر اتزاناً، خاصة إذا ما أخرجت العقصين، وتدليا على الجنبين، وتزينت بلباس الصيف الفضفاض.

طبعاً أنا لم أقدر أن أشاهد التلفزيون منذ شهرين لأنه كله رسوم متحركة منذ الصباح، ولم أنم بعمق، ولم أكمل كتاباً، ومجبر على أكل الوجبات السريعة مرتين في الأسبوع، ومرافقتهم في مدن الألعاب لساعات كل ثلاثة أيام.. مهنة الأب تبدو شاقة، خاصة في السفر.. وقد أكمل تفاصيل مضحكة من حكايات الحقائب الصغيرة المسافرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقائب صغيرة مسافرة حقائب صغيرة مسافرة



GMT 14:48 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

المنصوري والنيادي عند شغاف النجوم

GMT 14:46 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كان يراقبهم يكبرون

GMT 14:44 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كل هذا الحب

GMT 14:43 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

رواية عظيمة لا تعرفها

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates