العصامي والحرامي

العصامي.. والحرامي

العصامي.. والحرامي

 صوت الإمارات -

العصامي والحرامي

بقلم - ناصر الظاهري

لاعبو السيرك في الحياة كُثر، والمغامرون والمقامرون كُثر، لكن نهاياتهم واحدة، تعرفون كيف ينجح النصاب دائماً، لأنه يكرّس موهبته غير العادية في فعل لا يتقن غيره، فهو يدخل على الآخر بوسيلتي هجوم، الذكاء، وسوء النية، وهما كافيتان لإنجاح مهمته، بل واحدة منهما كافية لبلوغه الغاية، وأتعجب كيف لا يقدّر النصّاب موهبته، ويستغلها في الفعل الصواب، ربما لن ينجح كثيراً، فالنصب له أناسه، وله أدواته، وهم لا يجيدون اللعب في المناطق الخضراء!

فالشخص منا لا يقدر في بريطانيا مثلاً أن يصرف من حسابه 5 آلاف جنيه، دون أن يسألوه، ويتثبتوا منه ومن هويته، فالإنجليز ليسوا كغيرهم من الشعوب، فالسنوات والتجارب علمتهم كيف يضحكون على الشعوب دون أن يقدر أحد على الضحك عليهم!

لكن في الآونة الأخيرة تم اختراق الإنجليز في عقر دارهم، وأحرجوهم حتى أخرجوهم عن استقامتهم المعهودة، صحيح أنهم لا يضيعون حقهم، ولو بعد سنين، وبالقانون، ومستعد الإنجليزي أن يناضل من أجل قضية مكسبها ربما عشر جنيهات، المهم أنها مسألة مبدأ، ليس كمثلنا نتجاوز ونصفح، ومن ثم ننقل النصاب من مرعى إلى مرعى جديد!

لقد أظهرت الأزمات المالية العالمية المختلفة وجوه النصابين: الكبير منهم والصغير، هنا وهناك، فقد تداعت أسماؤهم وأقنعتهم، كما تداعت جثثهم، فإذا بالمحسن الكبير، ينقلب إلى متاجر بالأعضاء البشرية، وينقلب أسطورة المال والأعمال إلى مراهن على استمرار سياسة تلبيس الرؤوس العارية طرابيش من وهم، حتى أدخلته سجن الوهم والوهن والعدم.

لقد تساقطت قوائم المجلات التي كانت تصنف أصحاب المليارات بأرقامهم الفلكية، وأنهم مثال العصامية ومواصلة الليل بالنهار، ويتشدقون بالبدايات الصعبة من الكراج، وبرأسمال لا يتجاوز ألف دولار فقط، حتى تكاد أن تتشابه سيرهم الذاتية، وحين يحدث الزلزال المالي، وينكشفون بمديونيات لبنوك مديونة، لا تكفي حينها رصاصة الرحمة في الرأس، كما هي حال خيل الحكومة، لا يهم من أين جاءت، ولا من أطلقها، فهي تحصيل حاصل للانهيارات والتداعي والسقوط في الخسر، طوال حياتنا كنا نستورد النصابين، ولم نقدر إلا مؤخراً على تصدير مثلهم، وهذا ربما بسبب العولمة، وطغيان الرأسمالية، وحرية الكسب والنهب والملاعب تشابهت.

هل العالم بحاجة إلى أزمة مالية أو هزة اقتصادية بين الحين والحين، لكي يقتنع أن لاعبي السيرك كُثر؟ وأنهم لا يصنعون غير ما يعمي العيون، ويخدر العقول إلى حين، بعدها قبض الريح، وفي النهاية الخاسر الوحيد ذلك الإنسان البسيط الذي وضع كل أحلامه في سلة ذلك العصامي أو الحرامي الذي بدأ حياته الصعبة بألف دولار!

فهل يتعلم الناس البسطاء ضحايا الأزمات المالية المكشوفة من تجاربهم وتجارب الغير، أم دائماً هناك هل من مزيد؟ ودائماً بحاجة إلى فأس تقع في الرأس، لنصحو على حسابات الوهم والوهن!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العصامي والحرامي العصامي والحرامي



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:02 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

برابوس تكشف عن "مرسيدس E63 AMG" بقوة 789 حصان

GMT 00:59 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حبوب البن تقي الجسم من أمراض كثيرة

GMT 15:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

طُرق بسيطة بشأن تحويل حديقة صغيرة إلى أخرى مُميَّزة

GMT 09:16 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستضيف العام الجديد 2016

GMT 10:48 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حاكم الشارقة يفتتح أعمال "الاتحاد العربي للنقل الجوي"

GMT 08:22 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

لاعبة ترفض الوقوف حدادا على مارادونا بسبب "أفعاله"

GMT 18:44 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر.. اقتراح قانون في البرلمان لتجريم زواج القاصرات

GMT 14:04 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الرئيس الجزائري يُقيل رئيس "سوناطراك"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates