انفصام الشخصية الإلكترونية

انفصام الشخصية الإلكترونية

انفصام الشخصية الإلكترونية

 صوت الإمارات -

انفصام الشخصية الإلكترونية

ناصر الظاهري
بقلم : ناصر الظاهري

لو تتبعت الشخصيات التي تظهر نشطة في وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة العربية ستجدها تقدم نفسها بطريقة في الواقع الافتراضي، وبطريقة أخرى مغايرة عن حياتها في الواقع، هذا هو الانفصام بين الشخصية الإلكترونية والشخصية الواقعية، وبعضهم يقدم ثلاثة وجوه وأربعة حسب وسيلة التواصل الاجتماعي، فوجه لـ«الفيس بوك»، ووجه لـ«الإنستغرام»، ووجه لـ«سناب تشات»، فالفتاة الراقصة المتراقصة التي تظهر في الـ«سناب تشات»، وهي تمضغ كلماتها كعلكة ذائبة، مع كلمتين إنجليزي، وغنج مستورد، وأن أكلها كله «أورغانك»، ما تصدق توصل البيت حتى تطلب من مطعم «المندي والمظبي». والتي تحوم من الصباح على المقاهي تصور أكواب القهوة، على أساس أنها تبدأ صباحها بقهوة أميركاني مع «مافنز»، تراها ما ظهرت من البيت إلا بعد أن وسَّدَت ضرسها بصحن بلاليط وخمير. أما ذاك الذي يظهر لك بعد صلاة الفجر، وهو ينصحك: بأن تدع القلق وتبدأ الحياة، ويحضك على القناعة، والرضا وملاقاة الناس بوجه بشوش، جرب أن تلقاه قبل أن يتناول فطوره، واسأله أي سؤال عابر، لا سؤال عن سلف أو دين، لأنه ساعتها سينسى نصائحه لمتابعيه، وسيعطيك بما تجود به شخصيته الحقيقية لا المرئية، وهناك من يقدم نفسه على أنه هادئ، ومتزن، ولغته هاشّة باشّة، ولو ضايقه سائق سيارة الأجرة في الشارع، فسيرميه بشرر ألفاظه ومسباته.
حينما نرى «ميكروفون وكاميرا»، يظهر التهذيب المبالغ فيه، والنبرة الراقية، ونرتدي قناع التقوى والمثالية والشخصية الواعظة المرشدة، فجأة نخلع قناع شخصيتنا العادية، ونذهب باتجاه الزيف والمزيف، ننفصل للحظات عن واقعنا، لنعيش في عالم من الوهم والافتراض، قليل جداً من يكون على طبيعته حين يظهر في وسائط التواصل الاجتماعي، بمعنى الشخصية السوية في المجتمع كيفما هي طبيعته، يعني يغضب ويزعل ويسخط، كردة فعل طبيعية تجاه بعض الأشياء التي لا تسر. أنا قلما أرى هذه الشخصيات الإلكترونية غاضبة أو حانقة، وخاصة الفتيات، لأن «المكياج والبريستيج» سيخترب، أما الضحك وتوزيع الابتسامات، فهذا تخصص الشخصيات الإلكترونية، فالحياة أثناء التصوير لابد وأن تكون وردية، وكلهم فرحانين في السفر، ومندهشين من أمور تبدو لنا عادية، لكنها عندهم كما يقولون: «واووو»! صحن أكل: يا ربي ولا غلطة! منظر حديقة ليست بالغنّاء، لكنها في نظر أم الـ«سناب تشات»، فظيعة.. مذهلة، ولا في الخيال! وكلها شجرتان غير مثمرتين، وورد كذّاب، وحبّاية عجزت ما تتسلق ذلك الجدار المنخفض، والواحدة منهن ما تدخل محل إلا وتشعر أنه أعطاها من بضائعه الكاسدة، لأن حجم الإعلان المباشر لمحله يفوق المجان، خاصة وهي تتصور أمام محله، وتغش متابعيها: تصدقون مرات ما في أحلى من الصدف! أو تختلق لها قصة أن كل الناس تمدح هذا المحل وبضاعته، فقررت أن تكتشف المكان، وتقدمه لمحبينها مع ابتسامة طبشورية كاذبة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انفصام الشخصية الإلكترونية انفصام الشخصية الإلكترونية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates