«محمول ويترَفْس»

«محمول.. ويترَفْس»!

«محمول.. ويترَفْس»!

 صوت الإمارات -

«محمول ويترَفْس»

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

لم أجد جملة شاملة، قاطعة مانعة جامعة، مثل مثلنا القديم؛ «محمول ويترفس»، حين ينعتون شخصاً يكون محمولاً على الأكتاف أو على كفوف الراحة، ولا يرضى بذلك، ولا يشكر، بل يظل يرفس ويترفس، محملاً الآخرين أنه سمح لهم بحمله، وأنه متفضل عليهم أن أعطاهم تلك البركة، وأنهم مجبورون على رضاه كيفما فعل، والمثل حين يُقَال هو أعمق من ذلك، ومثلما يخص أفراداً، يخص شعوباً ودولاً، لا تعرف لا حمداً ولا شكوراً، وكأن ضريبتك أيها الإنسان الطيّب، لأنك تؤمن بالأخلاق والقيم الإنسانية العليا، ويسيّرك حياء المؤمنين، ولأنك تتصرف باتجاه فعل الخير دوماً وأبداً، أن يحسبك الآخرون إنما تفعل كل ذلك لأن بك ضعفاً أو يلزمك واجب تجاههم أو أنهم السبب لما وصلت إليه في هذه الحياة، وبعض الشعوب التي تقدم لها خيراً كجزء من واجب تجاه الأخوة والإنسانية، ومن باب شكر النعم، وخيرها عند الله بعشر أمثالها إلى بضع وسبعين حسنة، ويزيد بما شاء الله، تعد ما فعلت أنه أقل واجب، وأن خيره عليك يطوق عنقك، ولا ينفك عنه، وأن ما فعلته واجب وفرض عليك، لا كجزء من خلق تحرص عليه، تماماً مثلما تنظر بعض الشعوب لما تقدمه الإمارات أو دول الخليج كدعم ومساعدات ومساهمات في تطوير مجتمعات هذه الشعوب، على أنه فتات، ولا يكفي، مقترحين أن يشاركوك في مقدرات ومكتسبات هذه البلدان، وأن البترول هو بترول العرب وبترول المسلمين، وأن دول الخليج، هم شعوب صغيرة، وبلدان طارئة وحديثة عمرها في التاريخ قليل، وليس مثل بلدانهم وشعوبهم الضاربة عمقاً في التاريخ، ويتمادى البعض ممن نمنحه من خيرات بلداننا، وما هو أحق بمواطنينا، فيعده أمراً إجبارياً علينا، ولزاماً رغم أنوفنا، ولا تعرف من أين تأتيهم مسألة قوة العين تلك، دونما خجل، ودونما أي اعتراف، بل إن بعضهم لا يحسبونك أصلاً، ولا يرونك أمامهم، وبعضهم يجاملك ما دام وجودك بينهم، وإن ذهبت عنهم سلقوك بألسن حِداد، وهو أمر يذكرني بالسائل المهذب في أوروبا الذي يطلب شيئاً من النقود، ليأكل ويشرب، ويقدم لك نوعاً من الفرح والموسيقى، ويكون ممتناً وينحني لك، ولو وضعت في قبعته المقلوبة على الرصيف جزءاً صغيراً من اليورو، والسائل العربي الذي تعطيه ورقة نقدية، فيطمع بما في محفظتك، ويرسل بعينه نظرة متفحصة داخلها، ويتناولها، وكأنه يقول لك: «أنا لا أشحذ منك، أنا أريد مما أعطاك الله»، وهي كلمة حق يراد بها باطل، كما قال علي كرّم الله وجهه، الأول كل الود ودّك لو يقبل عزيمتك على عشاء ليفرح بقيمته الإنسانية، والثاني يجعلك تحلف أيماناً غلاظاً أن لا تفعل الخير في أناس يشبهونه، لأنه منّاع للخير معتد أثيم، منّاع للخير بسوء فعله وتصرفه، فيمنع الكريم من الجود، ويحرج ناوي الخير من العطاء، وأثيماً لأنه لا يفرح بما أعطى، ويحجب جود الطيبين عن الوصول للآخرين، فهو معطّل النيات، ومانع الخيرات! مثلما حملت إنساناً إلى الغدير وهو عطش، وحين شرب من الغدير، حتى تجشأ، أراق الماء فيه!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«محمول ويترَفْس» «محمول ويترَفْس»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 19:45 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

محمد صلاح يؤكد سعادته بفوز فريقه على ساوثهامتون

GMT 12:49 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

اكتشاف 4 مقابر لأطفال في أسوان أحدهم مصاب بشكل خطير

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:34 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

أحدث إطلالات جيجي حديد في اول ظهور لها في نيويورك

GMT 20:55 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

4 وفيات اثر حادث تصادم على الطريق الصحراوي

GMT 15:33 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

أنواع فيتامين "الأوميجا" تعمل على تغذية الجسم

GMT 14:42 2013 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

وحيد حامد في ضيافة خيري رمضان في برنامج "ممكن"

GMT 19:05 2014 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 تطبيقات مجانية لمراقبة أداء أجهزة "آيفون"

GMT 14:49 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

الإعلام يساهم في تغير المجتمعات نحو الأفضل

GMT 10:43 2013 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة : غسل اليدين يزيد الطالب تفوقاً

GMT 00:49 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

أفضل عطر نسائي للمرأة العاملة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates