بقلم - ناصر الظاهري
لعله عطفاً على ما كتبت الزميلة «عائشة سلطان» بشأن تلك الأزمة التي يعيشها اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، بعد وفاة رئيسه «حبيب الصايغ»، الذي كان يمسك بكل الخيوط في يديه، ويعرف التعامل مع كل الأهواء والأجواء. بعد وفاته المفاجئة عليه الرحمة قبل عام، ودخولنا في وقت الجائحة، واجه مجلس الإدارة مسألة داخلية تخص الاتحاد نفسه، ومسألة خارجية تخص اتحاد الكتّاب العرب، كون الإمارات هي الرئيس، متمثلة في شخص الشاعر «حبيب الصايغ» الذي ترك لهم تركة ثقيلة قد لا يعرفون تفاصيلها، ولا خطوطها المتشابكة بقدر ما كان يعرفها هو، ويتصرف حيالها وفق الموجود، ووفق ما يمكن أن يتدبره بسعيه هنا وهناك، وحده كان قادراً على أن يرضي ويراضي الجميع، ويسد الفراغات بين السطور، ويجتهد في الموازنة بين المدخول والمصاريف، عضّده في ذلك دعم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، والوقوف الدائم لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وسخاؤه المستمر، ومتابعته كرئيس فخري للاتحاد، وحرصه على أن يكمل الاتحاد منظومة الثقافة والمعرفة لمدينة الثقافة والمعرفة الشارقة، وتمثيل الإمارات خير تمثيل في المحافل العربية والدولية.
المشكلة الأساسية في اتحاد الكتّاب أنه عمل تطوعي، وهذا يعيق عمل المخضرمين بعد أن أدوا أدوارهم مشكورين، لكن اليوم لا وقتهم يسمح، ولا ظروفهم تسمح، ولا أعمارهم تسمح لذلك العمل التطوعي الشبابي، أيامها كان الواحد منا يخرج من أبوظبي ويصل دبي في ساعة ونصف، وينجز عمله فيها، ثم يذهب لاجتماع الاتحاد في الشارقة، ويرجع خلال أربع أو خمس ساعات على أكثر تقدير، اليوم لا يمكنك أن تنجز عملاً واحداً في تلك المدة، لذا لابد وأن ينظر لهذه المسألة في النظام الأساسي لاتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، لابد من التفرغ، ولابد من التواجد شبه اليومي لأهم المفاصل الإدارية في الاتحاد، تماماً مثلما هو ضروري فعل التخصص، فالعضو الشاعر قد يكون شاعراً مهماً، ويعرف بحور الشعر كاملة، لكنه كإداري لا يمكنه عبور لسان بحري لشط الأمان، هذا بغض النظر عن مسألة القيادة كفن وعلم، و«كاريزما» الشخصية المؤثرة والفاعلة والمتفاعلة مع الجميع، والتي تعرف معنى الإيثار، وتعرف تقدير الآخرين، ثم تقدير الذات.
بصراحة.. اتحادنا، ونحن نعرفه كما يعرف أهالي مكة شِعابها، هو من يفتعل بعض الأزمات، والجهل بالأمور التنظيمية والنظم الأساسية للاتحاد من قبل مبدعين وأنصاف مبدعين، هو ما يخلق الاحتقان، وبعض النفوس لبعض الأعضاء، الذين يعتقدون أنه بتلك المزاجية يمكن تسيير اتحاد أو جمعية ذات نفع عام، هي من تسبب في تأزم الكثير من الأمور، وهذا حال معظم اتحادات الكتّاب والأدباء في الوطن العربي، والإمارات ليست مستثناة من هذا، لقد عاصرنا خلافات واختلافات دون داع، وعاصرنا مشكلات شخصانية، إعلامية، وصحفية وهمية، وليست مشكلات تخص تنظيم الاتحاد، ورغم ذلك حسبت على الاتحاد.
كلمة أخيرة: تريدون للاتحاد أن يتعافى؟
ابحثوا دوماً عن الصفاء والنقاء، وعن خادم القوم.